للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما أخذ نوح عليه السلام في عمل السفينة كتب فرعان يأمره بقتل نوح وحرقها فأشار عليه بعض وزرائه ان لا يفعل وأن يدعها فان كان ما ذكره نوح حقاً ركبها الملك واهل بيته فقبل رأيه وتركها وهم بقتل نوح فمنعه الله منه.

وكان عند أهل مصر علم الطوفان، ولم يقدروا كثرته ولا طول مقامه على وجه الأرض، فاتخذوا السراديب تحت الأرض وصفحوها بالزجاج

وحبسوا الريح فيها بتدبيرهم، وأتخذ الملك فيلمون رأس الكهنة مع نفسه، عدة له ولأهل بيته.

وقد كان فرعان أقصى الكهان وباعدهم، فرأى فيلمون الكاهن ليلة في منامه كأن مدينة أمسوس قد انقلبت (١) بأهلها وكأن الاصنام قد انقلبت (١) على وجوهها وكأن ناسا من السماء ينزلون ومعهم مقامع يضربون بها الناس، وكأنه تعلق بأحدهم، وقال لهم: لاي شئ تفعلون بالناس ولا ترحمونهم؟ قال: لانهم كفروا بإلههم بالذي خلقهم، قال: أما لهم خلاص؟ قال: نعم من أراد الخلاص فعليه بصاحب السفينة.

فانتبه مرعوبا وقام حيرانا لا يدرى ما يصنع، وكان له امرأة وولدان ذكر واثنى وسبع تلاميذ فأجمع على أن يلحق بنوح عليه السلام.

ثم نام أيضاً فرأى في نومه كأنه في روضة خضراء، وكأن فيها طيوراً بيضاء يفوح منها رياح المسك، وكأنه كان يعجب من حسنها، إذ تكلم بعض الطيور فقال سيروا بنا لعلنا ننجو مع المؤمنين، فقال له ومن هم المؤمنون؟ قال أصحاب السفينة.

فانتبه مرعوبا واخبر أهله وتلاميذه بذلك واستكتمهم إياه ثم نظر في تخفيف اثقاله، وفي بيع ما يجب بيعه مستتراً بذلك كله.


١) في ب: أقبلت.
(*)

<<  <   >  >>