للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يكن لمصر ملك، الا وقد عمل للرمل طلسما يبعدها ويوقفها، ثم تفسد

طلسماتها على تقادم الأيام ولا ينبغي لأحد أن ينكر كثرة بنيانهم ومدائنهم.

وما نصبوه من الأعلام العظام.

فقد كان للقوم بطش لم يكن لغيرهم، وفيما يظهر من آثارهم بيان تحقيق ما يذكر عنهم.

من ذلك مثل هذه الأهرام والأعلام العظام المشهورة بالاسكندرية، وفي صحراء الغرب عجائب باقية من ذلك، وما لهم من الجبال المنحوتة التي جعلوا كنوزهم فوقها، فلا يصل أحد اليها، وكذلك الأودية المنحوتة، ومثل ما بالصعيد من مدائنهم، وما نقشوه عليها من حكمهم، فانه لو تعاطى أحد من ملوك الأرض أن يبني مثل الهرمين، أو جميعهم ما تهيأ لهم ذلك، وكذلك لو أرادوا أن ينقشوا ثوباً واحداً لطال عليهم الأمر وتركوه.

وحكي عن قوم في ضياع الغرب، ان عاملاً من عمالهم عنق بهم، فدخلوا في صحراء الغرب، وحملوا معهم زاداً إلى أن تصلح أمورهم ويرجعوا إلى منازلهم، وكانوا على يوم وبعض آخر، فدلجوا الى جبل، فوجدوا عيرا أهلياً قد خرج من بعض شعابه، فتبعه نفر منهم، فأخرجه إلى مساكن وأشجار ونخل ومياه وناس، فهم يسكنون تلك الناحية، ويتناسلون ويزرعون، ولا يطالبهم أحد بخراج.

وأخبروهم أنهم لم يدخلوا إلى ضياع الغرب، فصاروا نحوهم بأهليهم ومواشيهم وجميع أموالهم، فأقاموا مدة يطلبون الطريق فما وجدوه، ولا عرفوه، ولا وقفوا له على خبر، ولا تأتى لهم لوصول اليهم، فرجعوا آيسين على ما فاتهم من ذلك الموضع.

<<  <   >  >>