للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى إذا كان المساء وافينا راعياً يرعى غنما له، فسألناه عن العمارة والطريق، قال إن العمارة قريب منكم، فاذا نحن بأنهار فيها الماء، فنزلنا وشربنا منها وبتنا ثم أصبحنا، فاذا نحن في غير موضعنا الذي كنا فيه، وإذا معنا الناس والعمران، وما مشينا إلا بعض يوم حتى دخلنا مدينة الأشمون في الصعيد، فكنا نحدث الناس فلا يقبلون منا.

وهذه مدائن القوم الداخلة القديمة قد غلبت عليها الجن، ومنها ما قد ستر عن العيون فلا يراه أحد.

وذكر بعض القبط، أن رجلاً من بني الكهنة الذين قتلهم الشاد سار إلى الافرنجة فذكر لملكهم كثرة كنوز مصر وعجائبها، وضمن له أن يوصله إليها وإلى ملكها وأموالها، ويدفع عنها طلسماتها حتى يبلغ جميع ما يريده، ويعرفه مواضع الكنوز.

فعزم ملك الافرنجة على غزو مصر وجهاتها، فلما اتصل بصاحب مصر أن ملك الافرنجة تجهز إليها، عمد إلى جبل بين البحر المالح وشرقي النيل، فأصعد إليه أكثر كنوزه، وما كان في خزائنه، وصفح ظاهرها بالرصاص.

وأمر فنحتوا جوانب الجبل إلى منتهى خمسين ذراعاً، وجعلوا في آخر المنحوت منه الصور البارزة خارجة في النحت بقدر ذراع، وهو جبل مدور في جرمه إلا أنه رفيع السمك.

ثم انصرف الملك إلى مصر، وتأهب بما قدر عليه، واستظهر بما أمكنه، وجعل ينتظر ملك الافرنجة.

وان ملك الافرنجة حشد وجيش ما امكنه وقصد مصر، وكان لا يمر بشئ من عجائبها وطلاسمها وغرائب أعمالها ومناراتها إلا قدر عليه وغيره

وأفسد ما صادف من أصنامها، وذلك كله أمكنه بمعونة ذلك الكاهن.

<<  <   >  >>