للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال وكيف أقدر على رد نفوس العالم عما هم عليه؟ قال اعقد على ذلك نيتك، وأخلص ضميرك وصف به قلبك، وإذا غبت عن عيون الناس وانفردت فاعمل ما أمكنك، ودم للناس في الظاهر على ما كان عليه جدودك، فقبل الملك ذلك القول منه واعتقده وعمل به.

فكان يحضر للهيكل ويسجد للصنم، منحرفاً عنه بقلبه مبغضاً له كافراً به، وهو يضمر أن سجوده لله عزوجل.

واستعمل كثرة الغزوات وموالاة الأسفار والجولان في البلاد، وكل ذلك لتطول غيبته عن مصر ويبعد عن الهيكل.

وقال بعض أهل مصر إن الله أيده بملك من الملائكة يعضده ويرشده، وربما أتاه في نومه فأمره ونهاه، وأخبره بما يريد معرفته، فأمر الناس عند ذلك باتخاذ كل جادة من الخيل وكل جيد وجميل من السلاح، وأعد الزاد، واتخذ في بحر المغرب مائتي سفينة.

وخرج في جيش عظيم في البر وفي البحر، فلقيه جموع البربر فهزمهم وقتل أكثرهم.

وبلغ أفريقية، واستأصل أكثرها، وخرج منها، وكان لا يمر بأمة إلا أبادها إلى ان غزا من ناحية الأندلس يريد الافرنجة.

وكان بها ملك عظيم يقال له افريوس، فحشد اليه من كل النواحي، فأقام يحاربه شهراً ثم طلب صلحه، وأهدى اليه هدايا كثيرة، فقبل ذلك منه وسار

عنه ودعا الأمم المتصلة بالبحر الأخضر فأطاعوه، ومر بأمة لها حوافر ولهم قرون صغار، ولهم شعور كشعور الذئبة، ولهم أنياب دلف بارزة من أفواههم، فقاتلوهم قتالاً شديداً حتى اثخنهم، فنفروا عنه الى غيران لهم مظلمة، فلم يمكن لهم دخولها عليهم.

<<  <   >  >>