للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأمر بفتح الخزائن وفرق ما فيها على الخاص والعام ممن حضر مجلسه، فخرجوا عنه شاكرين له محبين فيه، فملك وأحسن.

وتمكنت منه أريحية الصبا، فملك على البلد رجلاً من أهل بيته يقال له المعين (١) وهو الذي يسميه أهل الأثر العزيز، وكان من أولاد الوزراء عاقلا متمكنا من عقله حصيف الرأي، كثير نزاهة النفس، مستعملاً للعدل والصلاح، وأمر أن ينصب له في قصر الملك سرير من الفضة يجلس عليه.

وكان يغدو ويروح إلى باب الملك، ويخرج العمال وجميع الوزراء والكتاب بين يديه عند مسيره وعند رجوعه.

فقام بالملك، وكفى الملك مهمه، وأصلح جميع الأمور، ووطأ البلاد، وأمن الناس، وأقام سوق العدل.

والملك نهراوس منغمس في لذاته، معتكف على لهوه، لا ينظر في عمل ولا يفكر في أمر ولا يخاطبه أحد، فأقاموا لذلك حيناً من الدهر، والبلد عامر، والخراج مدر.

يقال إنه بلغ في وقته تسعة وتسعون الف ألف مثقال (٢) فجعلها أقساماً فما كان له ولنسائه ولمائدته حمل اليه، وما كان في أرزاق الجيوش والكهنة

والفلاسفة وأصحاب الصنائع ومصانع البلد وإصلاح العقار والحرث والغرس وأصحاب المهن حمل اليهم، وما فضل عن ذلك كله حمل إلى خزائن الملك في قصره.

ونهر اوس مع ذلك غير ناظر في شئ من ذلك ولا سائل عنه، وقد عملت له عدة متنزهات على عدة أيام السنة، فكان في كل يوم في موضع منها، فاذا كان من الغد انتقل الى موضع آخر في كل يوم في موضع من الفرش والآنية ما ليس في غيره.

فلما اتصل ذلك بملوك النواحي طمعوا فيه واستضعفوه، فقصده رجل من


١) في ق: يقال له قطفير.
٢) في ق: سبعة وستين ألف ألف مثقال من الذهب.
(*)

<<  <   >  >>