للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأقام يعقوب بمصر ونهر اوس يجله ويعظمه إلى ان حضرته الوفاة، فأوصى أن يحمل إلى مكانه من الشام، فجعل في تابوت، وخرج معه يوسف عليه السلام ووجوه أهل مصر حتى بلغوه إلى موضعه، ودفن فيه عليه السلام، وقيل إن عيصو منعه من دفنه هناك لأن إسحق عليه السلام وهبه الموضع، فاشتراه يوسف عليه السلام منه بحكمه، ودفنه فيه.

وأقام يوسف بمصر وولد له فيها، ويقال إن نهراوس آمن بيوسف عليه السلام، وكتم أيمانه خوفا من فساد ملكه.

وملك نهراوس مائة وعشرين سنة، وفي وقته عمل يوسف عليه السلام الفيوم لابنة الملك، وكان أهل مصر قد تنقصوا الملك، وقالوا قد كبر وذهب عقله، فاخبهر يوسف عليه السلام، فقال نهراوس ما أبالي ولكني قد وهبت لابنتي ناحية كذا وكذا، وهي مغايض مياه ومروج، وأحب أن أدفع عنها صبيب المياه وأخرج عنها ما حصل فيها حتى ترجع ارضا عامرة مغلة، فاعمل في ذلك واحكم ما يمكن.

فخرج يوسف عليه السلام فدبرها وأخرج المياه منها، وقطع مادتها منها، وبنى جسورها وقلع أدغالها وردها ارضاً عظيمة العمارة جسيمة الغلة، وهي أرض الفيوم، وفرغ من ذلك كله في مدة قريبة، فعجب الناس من فطنة الملك وحكمة يوسف عليه السلام.

ويقال أن نهراوس أول من بنى بمصر (١) وبنى اللاهون، وجعل الماء فيه مقسوماً موزوناً، ثم مات نهراوس.

واستخلف ابنه دريموس، ويسميه أهل الأثر داروم (٢) بن الريان وهو الفرعون الرابع عندهم.

ولما ملك خالف سنة أبيه، وكان يوسف خليفته، لأن أباه أمره بذلك وأكد عليه فيه، فكان يوسف عليه السلام يسدده فربما قبل منه وربما خالفه.


١) هكذا بالاصول، ولعل الصواب من بنى الجسور بمصر، أو بنى خزانا بمصر.
٢) في ق: دارم.
(*)

<<  <   >  >>