موضع لا خلاص لهم منه وأكلهم واحدا بعد واحد عند إرادته، ويأكلهم أحياء
وحكي أن البحر حمل مركباً إلى تلك الجزيرة وقد كانوا سمعوا به، فلما أتاهم وقفوا على مركبهم ورموه وحاربوه وصبروا على قتاله، فصاح بهم صيحة سقطوا منها مغشيين على وجوههم، وجعل عبرهم إلى موضع عادته وكان فيهم رجل صالح فدعا الله عليه فهلك من حينه، وصار موضعه ذلك مطلباً لما معه من أموال الناس وأمتعتهم وجزيرة الضريف، وهي جزيرة تلوح لأصحاب المراكب فيطلبونها حتى إذا ظنوا أنهم قد قربوا منها تباعدت عنهم، وربما أقاموا كذلك أياماً لا يقدرون على الوصول إليها ولا يقول أحد من أهل البحر إنه وصل إليها ولا دخلها، وهم يرون فيها شخوصاً ودواباً وعمارة وشجراً وجزيرة البيدج فيها صنم من زجاج أخضر يجري من عينيه دمع على ممر الأيام يقول البحريون إنه يبكي على قومه لأنهم كانوا يعبدونه فغزاهم بعض الملوك فاستباهم وقتلهم وأراد كسر الصنم، فكانوا إذا ضربوه بشئ لم يعمل فيه وعاد الضرب إلى وجوههم فتركوه، وإذا دخلت الريح إلى أذنيه صفر تصفيراً عجيباً وجزيرة سرهانة، بها عمارة وشجر وأكثر أهلها أوانيهم ذهب، وثيابهم منسوجة بالذهب، وسلاحهم أعمدة ذهب، ولهم ملك متى وقع لهم من يريد الخروج بشئ منه دفعه عنه.
ومن الجزائر ببلاد الغرب صقلية وهي جزيرة كبيرة دورها أكثر من خمسة عشر يوماً، ومملكتها واسعة ولها جبال وأشجار وأنهار ومزارع، وهي بازاء أفريقية، وبها جبل البركان لا يزال يظهر دخانه بالنهار وناره