الـ"زلوتي" وكأنها لا تساوي شيئًا يذكر بالمقارنة مع العملات الصعبة. يضاف إلى هذه اللوحة القاتمة المحصول الزراعي السيئ للسنوات الأخيرة، واضطرار بولونيا بعد تخفيف الاتحاد السوفيتي من صادراته النفطية إليها، إلى شراء النفط من السوق السوداء بأسعار عالية جدًّا "حوالي ٣٥ دولارًا للبرميل الواحد" وطبعًا إلي دفعه بـ"العملات الصعبة".
وهكذا يتعمق مأزق الاقتصاد البولوني تحت هاجس أساسي: من أين وكيف الحصول على العملات الصعبة؟ والجواب كان ولا يزال نفسه: الاستدانة ... وزيادة الإنتاج داخليًّا للتمكن من زيادة الصادرات وزيادة الأسعار داخليًّا لمواجهة هذه الحركة التضخمية. ففي ١٩٧٩ رواحت زيادة الأسعار بين ١٤ و١٦% بينما بقيت الرواتب على حالها تقريبًا.
غير أن الشعرة التي قصمت ظهر البعير جاءت في مطلع هذا الصيف مع زيادة أسعار اللحم وتخفيف مصاريف الدولة للتمكن من إيقاف تفاقم العجز. فإذا بكل شيء في البلاد يهتز: مئات الآلاف من العمال يتوقفون عن العمل، ويحتلون المصانع، ويعلنون إضرابًا مفتوحًا مشكلين لجانًا تمثلهم، ويطالبون -إضافة إلى زيادة الرواتب وتخفيض أسعار اللحم- بمطالب سياسية؛ أهمها: تشكيل نقابات حرة، وجعل النقابات القائمة عمالية فعلًا، وليس مجرد نقابات صورية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، والتعهد بعدم ملاحقة المضربين ومنظمي الإضراب، والسماح للكنيسة باستعمال وسائل الإعلام، وإلغاء المعاملة الخاصة لرجال الشرطة،