اليوميات الصحفية ليست في حقيقة الأمر سوى مجموعة من الأعمدة الصحفية يكتبها كاتب واحد.. ومرة واحدة في الأسبوع.. فالفقرات التي تضمها اليوميات إذا أخذت كلًّا منها على حدة.. لما اختلفت كل فقرة منها عن العمود الصحفي في شيء.. سواء في موضوع اليوميات أو لغتها أو في بنائها الفني القائم على الهرم المعتدل، فموضوعات اليوميات الصحفية يمكن أن تستوعب السياسة والاقتصاد والاجتماع وقضايا الفكر والفن والأدب، وكذلك مشاكل الناس وهمومهم.
ولغة اليوميات تجمع -شأنها شأن العمود الصحفي- بين بساطة اللغة الصحفية وجمال اللغة الأدبية، وكذلك في كونها تقوم على التجربة الذاتية للكاتب.
وقد انتشرت اليوميات الصحفية في الصحافة العالمية والعربية في النصف الأول من هذا القرن.. وخاصة في أوقات ازدهار صحافة الرأي.. ولكن كثيرًا من الصحف بدأت تخلي صفحاتها من هذا الفن الصحفي مع بداية ربع القرن الأخير.. حيث بات من النادر أن تجد صحيفة تفرد مساحة من صفحاتها لهذا الفن. وبعد أن كان فن اليوميات بابًا رئيسيًّا من أبواب الصحف والمجلات العربية -وغالبًا ما تفسح له صفحتها الأخيرة- صار من النادر أن تجد صحيفة أو مجلة عربية ما زالت تحتفظ بهذا اللون من الألوان الصحفية. ويمكن أن نرجع هذه الظاهرة إلى عاملين:
أولهما: أن فن العمود الصحفي صار يؤدي جميع وظائف اليوميات، بالإضافة إلى تميزه بصغر المساحة التي يشغلها من الصحيفة.
وثانيهما: تراجع صحافة الرأي وغلبة صحافة الخبر على الصحافة المعاصرة.
وعلى سبيل المثال فإن الصحيفة اليومية الوحيدة في مصر التي ما تزال تحتفظ بفن اليوميات هي صحيفة الأخبار القاهرية، والتي ما تزال تفسح له مساحة كبيرة من صفحتها الأخيرة.