إذا كان المقال الافتتاحي يمثل اللغة الصحفية الخالصة.. أي: تلك اللغة العربية الفصحى التي يستعملها المواطن العادي في حياته اليومية.. وإذا كان كاتب العمود الصحفي يجمع بين اللغة الصحفية واللغة الأدبية.. فإن المقال النقدي يجمع بين اللغة الصحفية واللغة العلمية١.
وذلك أن النقد نفسه -سواء كان نقدًا أدبيًّا أو فنيًّا أو علميًّا- يقوم على أساسين:
الأول: النظريات والقواعد والأصول العلمية.. والناقد الأدبي أو الفني أو العلمي ملتزم في كتابته للمقال النقدي بقواعد وأصول ونظريات العلم الذي تخصص فيه.
الثاني: انطباعات الكاتب الذاتية وذوقه الفني ورؤيته الفنية والفكرية الخاصة، فالمقال النقدي ليس مجرد عملية ميكانيكية لتطبيق قواعد علمية صارمة والخروج منها بنتائج محددة.. وإنما هو في نفس الوقت علم وفن.. ومزيج بين موضوعية العالم وذاتية الفنان، ولعل هذا هو الذي يفرق بين ناقد وآخر، رغم أنهما قد يتصديان لنقد عمل واحد.
ونخرج من ذلك بأن لغة المقال النقدي لا بد أن تجمع بين موضوعية ودقة اللغة العلمية وبين جمال وذوق اللغة الأدبية٢؛ ولكن لا يجب أن ننسى في الوقت نفسه أن المقال النقدي هو في النهاية من صحفي ينشر في الصحف ليفهمه قراء الصحف؛ وهو لهذا لا بد أن تتوفر فيه أيضًا ملامح وخصائص اللغة الصحفية؛ أي: البساطة والوضوح والسهولة.
بناء المقال النقدي:
يقوم بناء المقال النقدي على طريقة الهرم المعتدل٣، تمامًا كالمقال الافتتاحي والعمود الصحفي؛ بحيث يتضمن ثلاثة أجزاء: