- وفي الحلقة الثانية من مقالات: كيف أثيرت تحقيقات الجيش أمام النيابة؟ كشف إحسان عبد القدوس عن قصة علي عبد الصمد تاجر السلاح -والصديق القديم للكاتب- وهو الذي أحضر له أول مستندات القضية، وكيف قبل أن يذهب معه إلى النيابة ليشهد ضد زملائه من تجار الصلاح.. وكان هدفه أن يدفع بالجماعة المنافسة له إلى السجن، وإذا بشهادته تنتهي بالقبض عليه بنفس التهمة باعتباره شريكًا في استيراد الأسلحة الفاسدة!..
وهذا هو نص المقال الثاني في هذه السلسلة:
قلت في الأسبوع الماضي: إنني كنت أجمع تفاصيل صفقة شراء ١٦ مدفعًا ١٠٥ م. م من إسبانيا عن طريق شركة أوليكن عندما وقع في يدي عقد شركة بين زوجة أحد الضباط وتاجر أسلحة.. أما كيف وقع العقد في يدي، فهي قصة الفضل فيها للحظ وحده..
فقد اتصل بي أحد أصدقائي الشبان، وأبلغني نبأ وجود مثل هذا العقد، كما سلمني ورقة كتبت عليها نصوص العقد بالقلم الرصاص، وبخط إنسان لا أعرفه، وعندما عرفته أقسمت ألا أبوح باسمه..
وكان الخبر مثيرًا.. فإن العادة لم تجرِ بأن تتاجر زوجات الضباط بالسلاح؛ بل لو تاجرت أي امرأة بالسلاح، لكان الخبر مثيرًا، حتى لو لم تكن زوجة أحد الضباط..
ويزيد في أهمية الخبر، أن الضابط الزوج كان صديقًا لإبراهيم المسيري بك رئيس لجنة الاحتياجات التي تتولى عقد صفقات الأسلحة، وكان أركان حرب سلاح المهندسين، وكان عضوًا في لجنة استلام الثكنات البريطانية، فإذا كانت زوجته تتاجر بالأسلحة وهو يتولى هذه المناصب الدقيقة المتصلة بصفقات الجيش، فلا بد أن وراء هذا العقد شيئًا.. ولكني لم أهتم بالبحث عما وراء العقد؛ بل حصرت همي كله في الحصول على العقد نفسه؛ لأنه وحده دليل على اتجاهات بعض الضباط، وعلى أن المشرفين على عقد صفقات الجيش والمتصلين بهم، ليسوا فوق مستوى الشبهات.. ثم هو دليل يثبت حسن نيتي أمام المحاكم مهما قلت بعد ذلك، ومهما واجهت من اتهامات!!
وقلت لصديقي الذي حمل إِلَيَّ خبر هذا العقد: إنني لا أستطيع أن أنشر شيئًا عنه، إلا إذا حصلت على العقد نفسه؛ لأن نشره هو توجيه تهمة خطيرة