للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستطاع النائب العام أن يكتسب ثقة عبد الصمد، بعد أن حدثه عن عائلته وعن خاله إبراهيم بك يحيى المستشار بمجلس الدولة، ثم بدأ يستمع إلى أقواله..

ولاحظت أنه لم يحلفه اليمين القانونية، التي يحلفها الشهود قبل أن يدلوا بأقوالهم؛ ولكنها كانت ملاحظة عابرة لم تستقر في ذهني طويلًا..

وبدأ عبد الصمد يتكلم فقال كل ما قاله لي وأكثر، وأبرز العقد الأصلي، وجميع أوراقه التي تشمل العطاءات التي تقدم بها إلى وزارة الدفاع، وروى حادث وكيل مصانع الأسلحة الذي استدعاه -أي: علي عبد الصمد- إلى مصر فإذا به يختطف، ويحيط به جماعة من المتعاملين مع لجنة الاحتياجات؛ ليتعاقدوا معه مباشرة.

روى علي عبد الصمد كل هذه الوقائع في صراحة وإسهاب، مؤيدًا أقواله بالمستندات، ثم إذا به يفاجأ -وأفاجأ معه- بالنائب العام وهو يوجه الاتهام إليه..

واصفر وجه علي عبد الصمد، وسكت عن الكلام، ونظر إليَّ نظرة عتاب، وكأنه يقول لي: "عملتها في!! " أو كأنه يتهمني باستدراجه لأقف به أمام النيابة موقف الاتهام، وهو حتى اليوم لا يزال يعتقد أني "عملتها فيه! ".

والواقع أني كنت حسن النية، وكنت جاهلًا بالقانون، وحتى لو لم أكن جاهلًا به لما سعيت لأن أعفي أحدًا من نصوصه إذا انطبقت عليه، فإن الأشخاص لم يكن لهم قيمة في نظري أمام الوقائع، حتى لو كانوا أقرب المقربين إِلَيَّ..

وقبض على التاجر وأفرج بكفالة خمسين جنيهًا.. وقبض على زوجة الضابط وأفرج عنها بكفالة.. وقبض على الضابط وبقي في الحبس حوالي خمسة أشهر..

ولكن هذه الحادثة في حد ذاتها لم تكن ذات قيمة؛ وإنما الضابط المقبوض عليه كان يستطيع أن يتكلم، وأن يتكلم كثيرًا، وكنت قد ذكرت في المقال الذي أذعت فيه خبر هذا العقد: "لو حدث وثارت الريب في نفس صاحب المعالي

<<  <   >  >>