مائتي صفحة "أربعين ألف كلمة"، ورسالة الدكتوراه يحسن أن تكون حوالي ثلاثمائة صفحة "ستين ألف كلمة" من الحجم المعروف في الرسائل.
والحجم فقط هو الذي يفرق بين الرسالة وبين المقال العلمي القديم الذي ينشر في مجلة علمية، فكلاهما إنتاج رفيع، ومساهمة ثقافية، ومرجع يمكن أن يعتمد عليه الباحثون، ولكن المقال العلمي لا ينظر إلى حجمه في حين يلاحظ الحجم إلى حد ما في الرسائل.
وقد لاحظت في الفترة الأخيرة تسابق الطلاب بمصر في مجال زيادة صفحات الرسائل، وأشارت الصحف يوما إلى إحدى الرسائل بأنها تقع في ستمائة وخمسين صفحة؛ وليس من الفخر في شيء أن تصبح الرسائل كمًّا، فليرجع الطلاب إلى الحجم المناسب، وليجعلوا تنافسهم في العمق والابتكار لا في الجمع والحشد، وليتذكروا قول القائل وقد كتب لصديقه رسالة مسهبة:"كتبت إليك كل شيء مفصلا؛ إذ ليس عندي وقت للاختصار" فمن الواضح أنك في الاختصار تحتاج إلى عمق وفكر بحيث تختبر كل شيء، فلا تحشد كل ما يقابلك، ولا تدع شيئا يتسرب للرسالة إلا إذا كان عميق الصلة بها، وفي الوقت نفسه لا يفلت منك شيء مهم للرسالة، وبودِّي أن يقف الأساتذة موقفا حازما يمنعون به هذا التضخم الذي لا يعني إلا عدم قدرة الطالب على حسن الاختبار والاختيار.