للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهنا -في رأينا- يكمن اللبس، وتظهر الحاجة إلى الحبكة، وبسببهما أحدث هذا التعليل ثغرة بين المقدمات والنتيجة؛ لأنه عندما استبعدت الدوافع الحسية، والحسابات العملية، فلم تستنفد بذلك جميع الحلول الممكنة للوصول إلى الشكل المحض، ألسنا نرى -في الواقع- وسطًا بين "المادة" المنقوضة و"الشكل" المختار؟ إن هذا الوسط ليس المادة "موضوع الرغبة"، الخاضعة للتجربة، والمتنوعة بالنسبة لكل، ولا الشكل الخالي تمامًا، ولا مضمون له، ولكنه مفهوم قابل للتفكير، موضوع للإدراك، معروف قَبْليًّا، ومفروض على كل الإرادات، بفضل تصور قيمته الذاتية.

ألسنا بهذا نتحاشى عيوب المنهج الإمبيريقي، مع تحفظنا الكامل من أن نضيع في المنهج الشكلي؟

والحق أننا بسب نوع من الحاجة المنطقية نفرض بالضرورة على أحكامنا شكلًا عامًّا؛ كيما نجيزها من ناحية القوانين الأخلاقية، فنحن لا نوافق على أن يصبح سلوك ما ملزمًا لبعض الناس، وغير ملزم للآخرين، الذين يماثلونهم في ظروفهم، فذلك أمر يثير العقل. ولكن هذا الارتباط الضروري بين المادة والشكل لا يصح إلا في اتجاه واحد: "فكل واجب عام، ولكن العكس ليس صحيحًا"، فمن أجل تأكيد هذه العلاقة بدأ الحكم الأخلاقي بأن لاحظ في السلوك "قيمة" في ذاتها، تنزع بمنطقها الداخلي إلى أن تنتشر، وهي قيمة ذات صفة من نوع خاص، فهي من الممكن أن تفرض، وهي يسيرة بالنسبة لكل الأفراد.

وأية طريقة للسلوك لا تستوفي هذا الشرط المزدوج لا يمكن أن تكون قانونًا أخلاقيًّا ... فلتكن أي شيء، إلا أن تكون واجبًا، ولكنها ليست بالضرورة جريمة؛ لأن من الممكن أن تكون عملًا اختياريًّا "مثل التبتل"، أو عملًا يستحق أعلى درجات التقدير "مثل: البطولة الخارقة لمن هو فوق

<<  <   >  >>