للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن، هل نحن أكثر اطمئنانًا لوثائقنا عن القواعد العرفية لقبائل إفريقية الشمالية منا عن النظم المكتوبة لمواطنيهم؟ وعن القبائل الأسترالية منا عن جيرانهم في جزر الهند الشرقية "أندونسيا"؟، وعن "الأفستا" أو "الفيدا"، أو قانون حمورابي منا عن القرآن؟، والحق أننا مندهشون مما حدث، من أن المؤلف على طول مسيرته من الصين إلى مراكش، ومنذ القرن السابع حتى الآن، قد سار في كل خطوة بمحاذاة مجتمعات إسلامية، دون أن يقف عندها، فكان كل همه أن يدور حولها ويتجاوزها. ومع ذلك، فإن دراسة هذه المجتمعات، التي لا تمثل عددًا يمكن تجاهله على سطح الكرة الأرضية، لا تحمل كثيرًا من الصعوبات أو التعقيدات، إنهم عدة مئات من ملايين الناس، لديهم توافق معين فيما يتعلق بقانونهم الأساسي، ويعيشوت تحت أعيننا، وقد عقدت أوروبا معهم علاقات اقتصادية وسياسية دائمة.

وربما كان "فوكونيه fauconnet" شخصيًّا على جهل بما يأمر به الشرع الإسلامي في هذا الموضوع، على الرغم من أنه أشار إليه إشارة غير مباشرة١.

وقليلًا ما يهمنا أن نعرف الدافع الذي حتم هذا الإغفال المقصود، لكنا نلاحظ فحسب أن النقص الخطير الذي نشأ عن هذا الإغفال يقدم إلينا النتيجتين اللتين أراد المؤلف تقديمهما في صورة قانون عام -على أنهما صادرتان عن استقراء غير كامل.

والواقع -من ناحية- أن قصر الجزاء العقابي على الإنسان البالغ السوي ليس ذا أصل حديث مطلقًا في العالم الإسلامي، فهو قديم منذ أكثر من


١ المرجع السابق ١٢٢, هامش١.
٢ سبق ذكرنا لهذا الحديث.

<<  <   >  >>