للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أليس معنى هذا أننا نوقع عقوبة مقصودة على خطأ غير مقصود، وبذلك توسع المسافة بين المسئولية الاجتماعية والمبدأ الأخلاقي؟ لقد كانت مشاركة الجماعة جد ملائمة حتى تهدأ ثورة الضمير.

وليس هذا في الواقع نوعًا من بعثرة مسئولية وحيدة، فإن المجتمع لا يمكن أن يوصف حقًّا بأنه متعاون، على أساس عمل تم بدون علمه، بل أن نسبته إلى الفرد أمر عسير، وهو "أي: المجتمع" على أية حال لم يشارك فيه بوصفه مجتمعًا. ولكن نصف المسئولية الذي يقع على كاهل الفرد، يتولد عنه بالنسبة إليه موقف تعيس لا يستحقه. ولما كان المجتمع مسئولًا عن الرفاهية النسبية لأعضائه، فما كان له أن يدع هؤلاء الأعضاء عرضة لبؤس غير متوقع، وهم الذين لم يكونوا صناعًا مريدين لبؤسهم الخاص. ولهذا يخصص باب من نفقات الدولة الإسلامية لأداء ديون الأفراد، حيث جعل هؤلاء المدينون من مصارف الزكاة، فقال تعالى: {وَالْغَارِمِين} ١.

وإذن فالتضامن الذي نراه هنا هو نوع من التعاون الخير، الذي يجب أن يتم في مواجهة الصعوبات، على سبيل التبادل بين الناس في المجتمع الواحد. ثم إن توزيع التعويضات أو الغرامات المذكورة لا يحدث بصورة ميكانيكية، على أساس التساوي العددي بين أنصباء المسهمين، بل يجب على العكس من ذلك أن نأخذ في اعتبارنا إمكانات كل فرد، لنفرض عليه نتيجة لذلك نصيبًا من شأنه ألا يرهقه٢


١ التوبة: ٦٠.
٢ الأمير, المجموع ٢/ ٣٧٢.

<<  <   >  >>