للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأنه قد انتقل من طرف إلى أقصى طرف مقابل له، إن صلاتنا بالعالم الراهن بكل ما فيها من غنى وعظمة سوف تتقطع، فهي بالنسبة إلينا قيود ينبغي أن نتحرر منها، نظراتنا لا تعود مثبتة على الأرض، بل إنها دائمًا موجهة إلى السماء، لقد كان من قول يسوع المسيح لأحد المؤمنين الجدد: "إن أردت أن تكون كاملًا فاذهب وبع أملاكك, وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء، وتعال اتبعني"١، وقال لتلاميذه: "فلا تطلبوا أنتم ما تأكلون، وما تشربون، ولا تقلقوا، فإن هذه كلها تطلبها أمم العالم. وأما أنتم فأبوكم يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه، بل اطلبوا ملكوت الله، وهذه كلها تزاد لكم ... بيعوا ما لكم وأعطوا صدقة، اعملوا لكم أكياسًا لا تفنى، وكنزًا لا ينفد في السموات ... لأنه حيث يكون كنزكم هناك يكون قلبكم أيضًا"٢.

هذه التعاليم ذاتها سوف يقدمها كذلك تلاميذ المسيح، كتب القديس بولس في رسالته إلى تيموثاوس: "أوص الأغنياء في الدهر الحاضر ألا يستكبروا، ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى، بل على الله الحي، الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع ... مدخرين لأنفسهم أساسًا حسنًا للمستقبل لكي يمسكوا بالحياة الأبدية"٣، "لا تحبوا العالم، ولا الأشياء التي في العالم ... وهذا هو الوعد الذي وعدنا هو به، الحياة الأبدية"٤.

وهكذا نجد أن الأمل الإنجيلي مكانه دائمًا هو الآخرة، في حياة ما بعد


١ إنجيل متى ١٩/ ٢١ ومرقص ١٠/ ٢١.
٢ إنجيل لوقا ١٢/ ٢٩-٣٤.
٣ رسالة بولس الرسول الأولى إلى ثيموتاوس ٦/ ١٧-١٩.
٤ رسالة يوحنا الرسول الأولى ٢/ ١٥ و٢٥.

<<  <   >  >>