للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا؛ لأنه هكذا فرض" -ليست مألوفة كثيرًا في كتاب الإسلام المقدس. ومع ذلك نجدها في عشر آيات، كلها بعد الهجرة "= ١٠ ب"١.

بيد أن عدم وجود علة مصرح بها لا ينفي بالضرورة وجود مضمون لها. والحق أن الإيمان يقتضي خضوعًا غير مشروط للأوامر الإلهية، مهما بدا ذلك غاية في القسوة والتحكم، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} ٢، ويقول: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} ٣.

ومع ذلك فباسم هذا الإيمان نفسه، نستطيع أن نستشف سببًا مختفيًّا تحت هذا المظهر، ونسلم ببعض الآثار الطيبة، وإن كانت قليلة التحديد: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُم ... } ٤.

والأمر الإلهي غير المسبب لا يأخذ في أعيننا نغمة تحكمية أو ديكتاتورية، بل يتمثل لنا بصفات من العلم والحكمة، جد مقنعة، حتى تبلغ الرضا الكلي لضميرنا٥.

فإذا نحينا هذا النوع من الأوامر المطلقة جانبًا فسوف نرى أن الوصايا القرآنية تقوم على أسس مختلفة، ولكنها يمكن أن ترتد إلى ثلاث مجموعات


١ البقرة: ٢٧٥، والنساء: ٧ و١١ و١٢ و٢٤ -مكررة- و١٠٣، والتوبة: ٦٠، والمجادلة: ٣، والممتحنة: ١٠.
" فهذه عشر آيات مدنية - "ب ١٠"".
٢ الأحزاب: ٣٦.
٣ النساء: ٦٦.
٤ السابقة.
٥ انظر بخاصة "النساء: ١١ و١٢ و٢٤، والتوبة: ٦٠، والممتحنة: ١٠".

<<  <   >  >>