للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي آية أخرى لا يشتمل التعبير على معنى وحيد، إذ قد يكون له تأويل يحمل عليه، قوله تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} ١، فقد يكون معناه: "يجد في الأرض حرية ورخاء"، وقد يكون معناه: "يجد في الأرض منجاة من أعدائه، ويؤدي عمله في أوسع مجال"، وهذا التفسير الأخير يتفق مع السياق: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ... } ٢.

وإنا لنلمح نفس الغموض في العبارة التي تعد هؤلاء المهاجرين بقوله تعالى: {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ} ٣.

وفكرة الخير الموعود في هذه الحياة لأهل الخير هي فكرة أكثر عمومًا، فالحق سبحانه يقول: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ} ٤.

وأخيرًا ترتدي السعادة المعلنة صفة سلبية شاملة، في ذلك الخطاب للكافرين: {ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} ٥.

أما بقية النصوص فليست وعودًا، ولا إنذارات مباشرة، ولكنها أنباء تاريخية، قديمة أو معاصرة للوحي، تفسرها علاقاتها بالأحداث الأخلاقية، وأكثر النصوص تلح بخاصة على الجانب العقابي أو السالب من الجزاء. فبلد معين، أو مجموعة معينة كانت تعيش في بحبوحة، تجد نفسها في أمن ودعة، حتى ذلك اليوم الذي توعدها الله فيه بالرعب والمسغبة، فضربها الله بمصيبة تهلك حرثها وثمراتها، وتنزف منابعها.


١ النساء: ١٠٠.
٢ النساء: ٩٧.
٣ النحل: ٤١.
٤ الزمر: ١٠.
٥ هود: ٣.

<<  <   >  >>