للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليهما، كل على حدة: النية الأخلاقية، والنية النفسية، "أو السيكولوجية" لا لأن الأخلاقية لا تهتم باختيار الموضوع المباشر "فهذا الاختيار بعكس ذلك هو شرطها الأولي"، ولكن لأن الفعل الذي يفقد فقدانًا كاملًا هذه النية الأولى -لا يدخل في مجال الأخلاق amorale١، أعني يكون محايدًا؛ على حين أن الإرادة التي تسعى وراء غايات غير مشروعة هي إرادة ضد الأخلاق immorale، أعني: آثمة.

أما النية النفسية، فإنها لا تفعل أكثر من أن تمنح العمل حق الحياة، إنها تجعله صحيحًا، يعتمد عليه، والنية الحسنة أخلاقيًّا تجلب إليه ما يناسبه من القيمة. ولقد كان من المستحسن دون شك أن يحدد هذان النوعان في اللغة الشائعة بتسميتين مختلفتين، ولكن لم يحدث من ذلك شيء، بكل أسف، بل لقد خلطت اللغة بينهما دائمًا في لفظ واحد، تاركة لنا مهمة تمييز المعنى الدقيق المراد منه، بحسب السياقات، أو الظروف التي يستعمل فيها. أما الذين يولعون بالوضوح والتحديد، فينبغي عليهم إذن أن يلجئوا إلى صفات مميزة، مثل: الأولى، أو الثانية، المباشرة أو غير المباشرة، النفسية أو الأخلاقية، الموضوعية أو الغائية.

ومع ذلك، فإن بعض الأخلاقيين يحتفظون باسم "نية intention" للمعنى الذي يرتبط بالعمل، وباسم "القصدية intentionnalite" للمعنى الذي ينصرف إلى الغاية، حتى يبددوا هذا الغموض، ويختصروا الكلام في نفس الوقت.

أما نحن، فسوف نعنون هاتين الدراستين بكلمتي: "النية intention" و"الدوافع mobiles" -من أجل مزيد من الوضوح.


١ يقصد بهذه الكلمة أنه ليست فيه فكرة الأوامر الأخلاقية، فلا علاقة له بها. "المعرب".

<<  <   >  >>