للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحسن نية يكتسب بذلك قيمة أخلاقية، ويصبح على هذا النحو عملًا فاضلًا، وفي الحالة المضادة هل يكون عكس هذه الحالة صحيحًا؟

وقبل أن نجيب عن هذه المسألة نعتقد أن من الواجب أن نتذكر معنى المصلحات التي تصاغ بها. فما المراد بعبارة: نية حسنة أو سيئة؟

إننا ما زلنا نفترض أن الإرادة حبيسة في أعمالها، وكيفيات هذه الأعمال، بصرف النظر عن جميع الدوافع التي قد تحملها عليها.

ومن ثم، فإن حسن النية لا يمكن أن يتمثل هنا في شرف الغايات التي قد تتحرك بها الإرادة. ومع أن دراسة هذه الفكرة الغائية يجب أن نستبقيها للقسم الثاني من هذا الفصل، فإن قيمة النية تنبع هنا فقط من الطريقة التي نحكم بها على مشروعاتنا، من حيث اتفاقها أو اختلافها مع القانون. ولما كانت أحكامنا الأخلاقية لا تتوافق بالضرورة مع واقع الأشياء، فقد يكون بينها وبين الإرادة فاصل، حين تسعى الإرادة إلى بعض الأمور على أنها مطابقة أو مناقضة للواجب، ولكنها لا تكون كذلك في الواقع.

والمسألة، في الحقيقة، هي في محاولة معرفة ما إذا كان يكفي أن نحكم بصدق على عمل ما بأنه مباح أو ممنوع، وأن نتابعه بهذا الاعتبار، لكي يكتسب الصفة التي أسبغناها عليه، إن لم يكن في ذاته، فعلى الأقل بالنسبة إلينا.

وتلك مسألة يصعب علينا إلى أقصى حد أن نعطي عنها إجابة قاطعة، بالإيجاب أو بالنفي.

ذلك أننا، من ناحية، لو التزمنا بدقة التعبير، وأخذنا بالفكرة القائلة بأن النية الحسنة هي في ذاتها الخير الأخلاقي: "الخير المطلق بلا قيود"،

<<  <   >  >>