٢ إذا كانت النية الحسنة "التي عرفت على أنها خطأ في الشعور بالصفة الأخلاقية للعمل نفسه" منكرة إلى هذا الحد, فما القول حينئذ في الحالة الأخرى التي يطلق عليها بنفس القدر من الابتذال: نية حسنة، وذلك عندما يعتقد الفاعل -مع أنه يرى في شغله خطأ جوهريًّا- أنه يحلله، ويضفي عليه صفة الشرعية، حين يريد به أن يسهم في عمل خير؟ وهكذا يفعل المزيفون من الوعاظ والدعاة إلى الإيمان، فهم بعد أن يخترعوا كلمات وعظية معسولة، يضعونها على لسان النبي، حتى يحثوا الناس -كما يزعمون- على الفضيلة، ومثلهم المجددون في طقوس العبادة، بزعم تمجيد الله. ويحشر في زمرة هؤلاء أصحاب المطامع السياسية، الذين يبيدون خصومهم الأبرياء بدعوى خدمة الوطن -إنهم جميعًا يذكروننا بالقصة المروية منذ قديم، قصة المرأة الفاجرة التي أرادت أن تتصدق بكسبها الخبيث!! كلا ... فإن أجمل الغايات وأعدلها في ذاتها لا يسوغ الوسائل التي لا يقرها القانون الأخلاقي على أنها وسائل مشروعة.