للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} ١. وسواء أكان هذا التطبيق على أقربائه، أم على البعداء، على الأغنياء، أم على الفقراء: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا} ٢. وسواء أكان خارج الجماعة أم داخلها: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} ٣. على الأصدقاء أم على الأعداء: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ٤.

بل إنه، حتى في الحالة التي لا يشتمل نص التشريع فيها على لفظ عام، وحتى لو كان منزلًا بمناسبة ظرف فردي -فإنه يعتبر من حيث المبدأ قابلًا للشمول، أعني أن من الممكن أن ينطبق على جميع الحالات المماثلة، ومن ذلك ما أعلنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة" ٥.

وقد ذهب الجمهور إلى أن الحكم الوارد بشأن فرد واحد ينطبق على جميع الناس، ما دام القياس واضحًا بدرجة تقترب من التماثل. أعني: ما دامت الحالتان لا تفترقان إلا في صفات فردية يمكن التسامح فيها "بأن تختلفا في الأفراد، أو الزمان، أو المكان".

وأعتى خصوم القياس هجومًا عليه، من أمثال ابن جزم، يؤيدون


١ المطففين: ١-٣.
٢ النساء: ١٣٥.
٣ آل عمران: ٧٥-٧٦.
٤ المائدة: ٢ و٨.
٥ موطأ مالك ٣/ ١٤٧, باب البيعة. وفي رواية: "مثل قولي لامرأة واحدة" "المعرب".

<<  <   >  >>