للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وحكى ابن السكيت عن أهل الحجاز أيضًا أنهم يعاقبون بين الواو والياء، فيقولون: الصوّاغ والصيّاغ، والمياثر والمواثر، والمواثق والمياثق١.

وتابع ابن سيده ابن السكيت في إمكان المعاقبة في القبيلة الواحدة، حيث قال: "وأذكر الآن شيئًا من المعاقبة، وأُري كيف تدخل الياء على الواو، والواو على الياء من غير علة عند القبيلة الواحدة من العرب"٢ ثم نقل عن ابن السكيت ما حكاه عن أهل الحجاز.

فاللغات - كما يقال - ظواهر اجتماعية لا تعرف الاطراد، ولا يمكن أن ينتظمها أو يحكمها قانون عام شامل أو جامع مانع٣، وإنما هي - دائمًا - تأخذ وتعطي بفعل تأثر القبائل بعضها ببعض، كما قال ابن جني في حديثه عن الفصيح يجتمع في كلامه لغتان فصاعدًا: "وقد يجوز أن تكون لغته في الأصل إحداهما، ثم إنه استفاد الأخرى من قبيلة أخرى، وطال بها عهده، وكثر استعماله لها، فلحقت - لطول استعمالها - بلغته الأولى. وإن كانت إحدى اللفظتين أكثر في كلامه من صاحبتها، فأخلق الحالين به في ذلك أن تكون القليلة في الاستعمال هي المفادة، والكثيرة هي الأولى الأصلية"٤.

ولعلنا نحمل على هذا التوجيه بعض صور المعاقبة التي سمعتها في ديار بني ناشر أحد بطون أزد السراة، فهم يقولون مثلاً: "دعيت، وعفيت، وغديت"


١ إصلاح المنطق ١٣٧، واللسان (صوغ) ٨/٤٤٢.
٢ المخصص ١٤/١٩.
٣ لهجة ربيعة ٨٣.
٤ الخصائص١/٣٧٢.

<<  <   >  >>