للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أسلوب واحد ونمط واحد، لا يحتمل إلاّ معنىً واحداً لا يحتمل معنيين ألبتة، فضلاً عن ثلاثة أو خمسة عشر كما قال صاحب (القواصم والعواصم) : إذا قال لك المجسِّم {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} فقل استوى على العرش يستعمل على خمسة عشر وجهاً فأيُّها تريد؟ فيقال له: كَلاَّ والذي استوى على العرش لا يحتمل هذا اللفظ معنيين ألبتة، والمُدَّعي للاحتمال عليه بيان الدليل، إذ الأصل عدم الاشتراك والمجاز، ولم يذكر على دعواه دليلاً ولا بيّن الوجوه المحتملة حتى يصلح قوله (فأيُّها تريدون وأيُّها تعنون) وكان ينبغي له أن يبيِّن كلّ احتمال ويذكر الدليل على ثبوته، ثم يطالب حزب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بتعيين أحد الاحتمالات، وإلاّ فهم يقولون لا نسلِّم احتماله لغير معنىً واحد، فإنَّ الأصل في الكلام الإفراد والحقيقة، دون الاشتراك والمجاز فهم في منعهم أولى بالصواب منك في تعدد الاحتمال، فدعواك أنَّ هذا اللفظ يحتمل خمسة عشر معنى دعوى مجرّة ليست معلومة بضرورةٍ ولا نصٍ ولا إجماعٍ"١.

إلاَّ أنَّ أشهر تأويلات هؤلاء وأكثرها ذيوعاً بينهم هو قولهم: إنَّ الاستواء المراد به الاستيلاء، وهو تأويل باطل وتحريف فاسد، أبطله أهل العلم من وجوه كثيرة، وفيما يلي تلخيص لبعض الوجوه التي ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في إبطال هذا التأويل:

"أولاً: إنَّ هذا التفسير لم يفسّره أحد من السلف من سائر المسلمين من الصحابة والتابعين، فإنَّه لم يفسِّره أحد في الكتب الصحيحة عنهم، بل أول من قال ذلك بعض الجهمية والمعتزلة، كما ذكره أبو الحسن الأشعري في كتاب المقالات وكتاب الإبانة.


١ مختصر الصواعق (ص:٣٣٣،٣٣٤) .

<<  <   >  >>