لقد كانت أهداف التبشير الصليبي - بعد الحروب الصليبية - التشويش على الدعوة الإسلامية؛ لكسب مواقع جديدة من أرض المسلمين، فلما عجز المبشرون عن بلوغ أهدافهم حاول قادتهم من المستشرقين أن يشوشوا على دعوة الإسلام بإلقاء الأباطيل والمفتريات في ساحة شريعته الغراء، خصوصا بعد أن انتشر الإلحاد في أوربا وأمريكا، بعد أن كشف العلم الحديث للمسحيين ما في دينهم من أمور لا يقبلها العقل، كالتثليث الذي يجعل الإله الواحد ثلاثة: أب وابن وروح قدس.
فخشي المبشرون الصليبيون أن يطلّ الإسلام بوجهه المُشرق على أوربا وأمريكا؛ فيجد قلوبا مهيأة له وعقولا متجاوبة معه؛ فشجع رجال الكنيسة حركة الاستشراق، وحمى المستعمرون هذه الحركة؛ فكثر عدد المستشرقين الذين يتصلون اتصالا مباشرا بالكنيسة ليشوشوا على الدعوة الإسلامية لإضعاف سلطان الدين على نفوس المسلمين، فيقلّ عزمهم في محاربة الاستعمار وطرده من بلادهم؛ فتحقق بذلك أهداف الاستشراق في خدمة الصليبيين والمستعمرين، لكن الله بالغ أمره {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} ١.