ثانيا: جهود الاستشراق في محاربة الإسلام بسلاح العلم
ينبغي على المهتمين بتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة أن يكونوا على دراية تامة بالجهود التي يبذلها المستشرقون في محاربة الإسلام؛ لأنهم - في الحقيقة - ألدّ أعداء الإسلام.
والمستشرقون يتخذون العلم وسيلة للتشويش على الدعوة الإسلامية ويتسترون وراء البحث العلمي، وهم يلفّقون الأباطيل، ويلقون بها في ساحة الشريعة الإسلامية، ويحاولون تضليل شباب المسلمين الذين يتتلمذون عليهم، وإقناعهم بآرائهم الفاسدة الخبيثة؛ ليشركوهم معهم في الإساءة إلى الإسلام دون وعي.
إن ما يكتبه المستشرقون عن رسالة الإسلام ورسول الإسلام يفضح الحقد الدفين الكامن في قلوبهم، ويكفي أن نذكر - على سبيل المثال - ما كتبه واحد منهم هو (جولد تسيهر) ؛ لينكشف دورهم في الطعن على الإسلام، والتشويش على دعوته متخذين العلم وسيلة لما يهدفون إليه، يقول المستشرق المذكور:"فتبشير النبي العربي ليس إلا مزيجا منتخبا من معارف وآراء دينية عرفها أو استقاها بسبب اتصاله بالعناصر اليهودية والمسيحية وغيرها، التي تأثر بها تأثرا عميقا، والتي رآها جديرة بأن توقظ عاطفة دينية حقيقية عند بني قومه"١.
وهذا قول آثم، ردّد به هذا المستشرق الحاقد زعما زعمه المشركون منذ أربعة عشر قرنا، وردّ الله تعالى عليه في حينه؛ فما إن قال المشركون هذا القول حتى فضحهم الله به، يقول الله تعالى على لسان المشركين:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} ، ويردّ جل جلاله عليهم بقوله:{فَقَدْ جَاءُوا ظُلْماً وَزُوراً} ، ثم يقول سبحانه على لسانهم:{وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأََوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} ، ثم يردّ جل وعلا عليهم بقوله:{قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأََرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً} .
ثم تحداهم سبحانه وتعالى بأن يأتوا بسورة من مثله؛ فعجزوا ولم يرفع أحد رأسه، يقول جلّ جلاله: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ
١ جولد تسيهر: العقيدة والشريعة في الإسلام، ترجمة الدكتور محمد يوسف موسى وزميله، ص ١٥.