ومن الوسائل التي يشوّش بها الاستشراق على الدعوة الإسلامية إفهام بعض أدعياء العلم من الذين ينتسبون إلى الإسلام بأنه يجب الفصل بين العلم والدين، وهو ما يسمونه (العلمانية) ، وهي دعوة من الدعوات الخادعة المضللة لأنها مشتقة من العلم.
والحقيقة أن العلمانية التي يدعو إليها المستشرقون - ويعنون بها العلم المنعزل عن الدين - حركة ظهرت في أوربا نتيجة للصراع العنيف الذي نشب بين رجال العلم والكنيسة التي كانت بسلطانها القوي في القرون الوسطى متحكّمة في العقل الأوربي؛ فلا يقبل فكر أو رأي لا يكون مصدره الكنيسة ورجال الدين فيها، وكان من السلطان الديني للكنيسة أنها تملك حقّ الغفران للعصاة ومرتكبي الكبائر من المسيحيين، كما أن لها في أتباعها حقّ الحرمان والطرد من ملكوت الله ومن ساحة رحمته.
وقد انتهى هذا الصراع بين العلم والكنيسة بانفصال كل منهما عن الآخر؛ فالعلم له رجاله، ولهم في مجال العلم أن يقولوا ما يشاءون دون أن يكون للكنيسة حق مؤاخذتهم، وللكنيسة رجالها الذين يقولون ما يشاءون في أمور الدين دون أن يكون للعلم وعلمائه موقف معهم.
وإذا قام هذا الصراع بين العلم والدين في المسيحية - لأن الكنيسة صادرت كل كلمة يقولها العلم، وعزلت الدين عن الدنيا، فأخذ العلم وجهة غير وجهة الدين - فإنه لا مجال أبدا لأن يقوم مثل هذا الصراع بين العلم والدين في رحاب الإسلام؛