للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مركزها الهند، وأتباعها من مسلمي الهند، ثم امتدت إلى خارج الهند؛ فظهرت في بعض الدول الآسيوية والإفريقية، وساندها الاستعمار والاستشراق.

وقد ظهرت هذه الحركة في وسط جوّ فكري وسياسي عاصف اجتاح بلاد الهند في أعقاب ثورتها على الاستعمار الانجليزي في سنة ١٨٥٧م، فقد أصابت المسلمين بعد إخفاق هذه الثورة وحشة الفتح ونكبة الهزيمة، وعانوا وطأة الاستعمار السياسي ووطأة الاستعمار الثقافي، وقامت الدولة الانجليزية المنتصرة بنشر ثقافتها وحضارتها في محاولة لزعزعة العقيدة الإسلامية وإضعاف الثقة بأسس العقيدة ومصادر الشريعة١؛ لأن الدين الإسلامي هو الدين الوحيد في الهند الذي كان يدعو إلى الجهاد في سبيل الدفاع عن الدين والوطن والعرض والمال.

وقد استغل الاستعمار أيضا المحترفين للتصوّف في نشر شطحاتهم وخرافاتهم؛ فاستولى على مسلمي الهند اليأس والقلق، ثم استسلموا للأوضاع الفاسدة، وأخذوا يتطلعون إلى منقذ ينقذهم من الحيرة واليأس ولو بالخرافات والأباطيل.

وفي وسط هذا الجوّ الفكري العاصف دعا ميرزا غلام أحمد إلى القاديانية، وكان غلام أحمد هذا من إمارة البنجاب، وكان والده من أصحاب الإقطاعات، ومن ذوي النفوذ في قومه، كما كان من صنائع الانجليز ومن أخلص الدعاة لهم.

وقد عرف عن غلام أحمد أنه كان في مطلع شبابه متصوّفا، ثم ترك العزلة ودخل في معترك الحياة، ونصب نفسه للمناظرات والمجادلات في أمور الدين؛ فلفت الأنظار إليه فاجتمع كثير من العامة عليه، واكتسب شهرة وصيتا ذائعا في أوساط المسلمين؛ فسولت له نفسه أنه ملهم من الله؛ فأخذ يتحدث للناس بما زعم أنه ينزل عليه من إلهامات، ويذكر لهم آيات قرآنية وأخرى محرفة، يحسبها من لا يحفظ القرآن قرآنا، وفي هذا تلبيس وتدليس وكيد عظيم لتحريف القرآن الكريم.

ولم يقف غلام أحمد عند هذا الحد بل ادعى أنه نبي يوحى إليه، وأخذ ينشر مفترياته٢، متخذا الدين مدخلا يدخل به إلى قلوب أتباعه؛ ليخدم بذلك أغراضا


١- توجد كتب في شرح البهائية بالانجليزية والفرنسية والفارسية والعربية.
٢- من يريد مزيدا من المعلومات فليرجع إلى كتاب الندوي المذكور.

<<  <   >  >>