أن لهذه الغابة ملكاً لا يخرج إلا في الليل اسمه (ديفل) أي شيطان لابدّ من محالفته خوفاً منه. فالمحالف له صاحب سلطان تدين له الجماعة بالسمع والطاعة، يتميز عنهم إذا خرج مع جماعته في المناسبات بلباسه وقناعه الغريبين. وهو الذي يقتني أصناماً وأوثاناً تؤمن جماعته بنفعها وضررها. وقد أسفر عن هذا انتشار جمعيات وثنية في المنطق النائية، وصار لكل جمعية صنم يختلف في شكله ومادته عن غيره فتارة يكون مصنوعاً من خشب فيسمى: جوجو، وتارة أخرى يكون قرن ثور مجوف فيعرف عندئذ بكارافيلو. وأحيناً يكون ودعات وضعت في زجاجة مع حبات من الأرز وقطع نقود معدنية قديمة. ومثل هذه الأصنام صارت توضع في الحقول طلباً للبركة ولحفظ الحرث، بقي الأمر كذلك إلى أن قامت حروب فوتاجالو الآنفة الذكر التي نشرت بعض معاني التوحيد فتقلصت بذلك العقيدة الوثنية وإن كانت رواسبها لا تزال عالقة إلى اليوم في صدور كثير من العامة.
إن الإسلام أدخل إلى سيراليون عقيدة جديدة هي عقيدة التوحيد والتبرك بتلاوة القرآن المجيد عوضاً عن التبرك بصنم أو وثن. لكن لحداثة السيراليونيين بالإسلام ولقرب عهدهم بالوثنية، ولانعدام التوعية الإسلامية ظهرت طائفة تحمل عقيدة مزدوجة، تؤمن بالله ورسوله، وتقوم ببعض شعائر الإسلام وتحضر الجماعات إلى جانب إيمانها بصنم توارثته عن أسلافها تؤمن بنفعه وضره وتلتجئ إليه وقت الشدة والنوازل الكبرى.
إلا أن هذه الإزدواجية في العقيدة وتوحيد الربوبية دون الألوهية لم يعمرا طويلاً بسبب انتشار التوعية والمدارس الإسلامية. ولكن بقيت فئة إلى اليوم منتشرة في أغلب مناطق سيراليون تدعي الإسلام وتلبس لباسه تستقبل العامة وتبشرهم بخرافات مدعية على الغيب، كما تقوم لهم بأعمال سحرية مستعينة بما نقل عن كتب المخرفين أصحاب الطرق التيجانية وغيرها من جداول لجلب رزق أو دفع ضرر، كل ذلك ابتغاء رزق تناله. ولو اشتغلت هذه الفئة بإخلاص بالقرآن الكريم وبالسنة