وغيرهم من أئمة العلم والهدى ولم يحد عليهم المسلمون ولو كان خيراً لكان السَّلفُ الصالح إليه أسبق, والخير كله في اتباعهم والشر في مخالفتهم.
٤ ـ أن الدين الإسلامي قد اكتمل بوفاة النبي الكريم على حد قوله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً} . (المائدة: ٣) فهل في شريعة الإسلام ما يشير ولو من طرف خفي إلى جواز هذَا الأمر؟ إننا لا نجد ما يدل على ذلك, وفعله من زعماء المسلمين وقادتهم مع عدم وجوده في الشريعة المطهرة مخالفة ظاهرة لهذه الشريعة وقدح في كمالها وانتقاص لها وأنها لم تفِ بما يجدّ من الأحكام, وقد قد قرر أئمة الهدى ومصابيح الظلام قديماً وحديثا أنها صالحة لكل زمان ومكان وشاملة لمصالح العباد ماضيها وحاضرها ومستقبلها. إن الأحكام الشرعية توقيفية أعني أنه لا يجوز إثباتها إلا من طريق الشارع خصوصا ما يقدّر بالزمن منها وإلا لجاز لكل أحد أن يقول برأيه ما شاء فدل على أنه لا يجوز الحداد إلا ما ورد به الحكم عن الشارع خصوصاً ما كان مقدراً بزمن معين, وهذا الأمر فيه تقدير بزمن وهو الحداد ثلاثة أيام أو سبعة أيام أو ثلاثون يوماً أو أربعون يوماً وهذا لا يكون إلا بخبر السماء, وخبر السماء لا يعرف إلا من طريق الأنبياء, ولم يعرف عنهم جواز هذا العمل فدل على أنه مخالفٌ لمنهج الله القديم.
إذا تبيّن هذا فالواجب على قادة المسلمين وأعيانهم ترك هذا الإحداد والسير على منهج سلفنا الصالح من الصحابة ومن سلك سبيلهم, والواجب على أهل العلم تنبيه الناس على ذلك وإعلامهم به أداء لواجب النصيحة وتعاونا على البر والتقوى, ولما أوجب الله سبحانه وتعالى النصيحة لله ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولأئمة المسلمين وعامتهم.