اتفق الفقهاء فيما علمنا على أن الحداد يجب على المرأة الكبيرة العاقلة البالغة المسلمة على ما بيّنا, واختلف الفقهاء في سوالب ذلك, ومنه اختلافهم في وجوب الحداد على الكتابية, وتجدر الإشارة هنا إلى أن أئمة الفتوى لم يختلفوا في إباحة الحداد لكل من ذكرنا ومن سنذكر قريبا, وإنما الخلاف في الوجوب أو السنية.
وبيان اختلافهم في وجوب الحداد على الكتابية كالآتي:
١ـ ذهب الجمهور ومنهم الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد إلى وجوب الحداد على الكتابية, وقد استدلوا لذلك بأدلة بيانها كالآتي: العمومات التي تفيد وجوب الحداد على الكتابية لأنها من جملة النساء, والأحاديث لم تفرق بين ما إذا كانت المرأة مسلمة أو كتابية, وإخراج الكتابية من هذا العموم يحتاج إلى دليل, ولا دليل عليه, ومن ادّعى خروج الكتابية فعليه الدليل, أضف إلى هذا أن الكتابية زوجة وقد أوجب الله تعالى العدّة على الزوجات من غير تخصيص. يوضحه قوِله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} فهذا إيجاب من الله تعالى العدة على الزوجات من غير