للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفي حياة المسلم من المواقف ما يستدعي المسايرة، والمجاملة وإن كان فيه ما ينغص عليه، ويظنه ظاهريًا خسارة لا ربحًا، ولكن الإيمان القوي بحكمة المشرِّع وسلامة التشريع، يدفع صاحبه إلى الامتثال، ويسوغ له أمر الطاعة.

قال جابر بن عَتيك: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سَيَأْتِيكُمْ رُكَيْبٌ مُبْغَضُونَ، فَإِنْ جَاءُوكُمْ فَرَحِّبُوا بِهِمْ، وَخَلُّوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَبْتَغُونَ، فَإِنْ عَدَلُوا فَلأَنْفُسِهِمْ، وَإِنْ ظَلَمُوا فَعَلَيْهَا. وَأَرْضُوهُمْ، فَإِنَّ تَمَامَ زَكَاتِكُمْ رِضَاهُمْ، وَلْيَدْعُوا لَكُمْ " ١.

قال الخطابي:

(رُكيب) تصغير (ركب) وهو جمع (راكب) .

وإنما عنى به السعاة إذا أقبلوا يطلبون صدقات الأموال.

فجعلهم مُبغضين لأنّ الغالب في نفوس أرباب الأموال بغضهم، والتكرّه لهم، لما جُبلت عليه القلوب من حبّ المال، وشدّة حلاوته في الصدر، إلاّ من عصمه الله ممن أَخلص النيّة، واحتسب فيها الأجر، والمثوبة ٢. فقد وجَّه إلى مداراتهم، والتلطف إليهم لقيامهم بما أوجب الله من حقّ للفقير على الغني.

ويُشبه هذا قول أحد الصحابة وهو أبو الدرداء: إِنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ ٣.


١ أخرجه أبو داود في سننه من كتاب الزكاة، باب رضا المصدَّق. قال الألباني في ضعيف سنن أبي داود (حديث رقم٣٤٥) : ضعيف.
٢ معالم السنن (٢/٢٤٥) .
٣ رواه البخاري في كتاب الأدب، باب مداراة النّاس (تعليقًا) . والبيهقي في شعب الإيمان (٦/٢٦٦) . وابن أبي الدنيا في مداراة النّاس (ص٣٦) .

<<  <   >  >>