للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الأيوبيين في الشام، ومطالبتهم بعرش مصر، قام أيبك بتولية الطفل الأشرف، موسى الأيوبي١ السلطنة وهو في السادسة من عمره، وجعله شريكا له في الحكم، فخطب باسمهما على المنابر وسكت العملة باسمهما٢.

ولما لم تنطِل حيلته هذه على الناس، التجأ أيبك إلى الاستعانة بالخليفة العباسي المستعصم بالله في بغداد، ونصب نفسه نائبا له على مصر٣، ثم أخذ في الاستعداد للتصدي للملك الناصر يوسف، الذي كان قد كاتب الملك لويس التاسع في عكا، عارضا عليه التعاون ضد أيبك مقابل تسليمه القدس للصليبين- وكانت تحت حكم الأيوبيين-. ولما علم أيبك بهذه المفاوضات أرسل إلى لويس التاسع مهددا بقتل أسرىَ الصليبيين الذين لديه، وواعدا إياه إن رفض عرض الناصر أن يقوم بتعديل اتفاقية دمياط لإعفائه من نصف الفدية المتفق عليها، وطلب منه بدوره أن ينضم إلى جانبه، فرد عليه لويس بأنه قرر الوقوف على الحياد بينه وبن الناصر٤.

وتقدم الملك الناصر حتى العباسية بين مدينتي بلبيس والصالحية ٦٤٩ هـ- ١٢٥١م فهزمه أيبك٥ بسبب انحياز مماليكه العزيزية إلى المماليك، ولاحقه حتى الشام، واتفق أيبك مع لويس التاسع على أن يساعده ضد الناصر يوسف مقابل تسليمه القدس، ولكن هذا الاتفاق لم ينفذ، حيث تدخل الخليفة العباسي بين الناصر وأيبك ٦٥١ هـ (١٢٥٣م) لمنع تسليم القدس للصليبيين حيث أرسل رسوله الشيخ نجم الدين البادورائي فأصلح بين صاحب مصر وصاحب الشام، وأيضا لإحساسه- أي الخليفة- ببداية الخطر المغولي الذي داهم الخلافة من الشرق٦. واتفق على أن تكون مصر وجنوب فلسطين بما فيها غزة والقدس للمماليك٧.


١ الملك الأشرف مصطفى الدين موسى بر الناصر يوسف بن الملك المسعود بن الملك الكامل، بن العادل بن أيوب، أقيم في السلطة سنة ٦٤٨ هـ، وخلعه أيبك سنة ٦٥٠هـ، وظل اسمه يذكر في الخطبة حتى سنة ٦٥٢هـ. (ابن واصل، مفرج الكروب جـ٢، لوحة ٣٧٦) .
٢ المقريزي، السلوك:١/ ٣٦٩ ٠ابن إياس، بدائع الزهور:١/٩٠. أفاد ابن كثير، البداية والنهاية ص١٧٩، إن عمره كان عشر سنين.
٣ أبو الفداء، المختصر: ٣/ ١٩٢.
٤ جوزيف نسيم، العدوان الصليبي على مصر ص ٢٧٤.
٥ ابن واصل، مفرج الكروب: ٣٨٢، ٣٨٣.
٦ المقريزي، الخطط: ٣٨٥ – ٣٨٦. وابن كثير، البداية والنهاية جـ١٣ ص ١٨٤.
٧ المقريزي، السلوك: ١/٣٨٥ _٣٨٦. انظر: تفصيل ذلك في ص ٢٢٣ من هذا الباب.

<<  <   >  >>