للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بعضهم خصوصا وأن الخطر المغولي قد أصبح على الأبواب.

ومع ذلك فإن لويس التاسع لم يفقد الأمل، فاستغل فترة خلاف المسلمين هذه لإصلاح أحوال الصليبيين، وتحصين مدنهم وحصونهم١، فبدأ بتحصين مدينة عكا، باعتبارها عاصمة الصليبيين، ومقر إقامته، ومركز مملكة بيت المقدس، وأتم تحصينها عام ٦٤٩ هـ (١٢٥١م) حتى أصبحت بمنتهى المنعة.

وبعد ذلك توجه لويس إلى قيسارية٢ التي كان يحكمها يوحنا اليمان، فأمضى عاما في بناء سورها، وأقام أبراجا عدة، كما حصن مدينة حيفا٣ وبعدها سار إلى يافا٤ وأقام حولها سورا له ثلاثة أبواب وأربعة وعشرين برجا وخندقين.

كما حصن صيدا٥ وجدد بناء ما هدمته قوات الناصر يوسف عندما أغارت عليها أثناء مهاجمة لويس التاسع لدمياط، وأحاطها بالأسوار والأبراج والخنادق٦. وذلك في زمن أميرها جوليان دي باليان.

ومن جهة أخرى حاول الملك لويس التاسع جمع كلمة الصليبيين الذين فرقتهم الخلافات والحروب المحلية، سواء كانت أسبابها تجارية كالتي كانت تحدث بين البنادقة والبيازنة والجنوية الذين تعرضوا بالمضايقة للويس التاسع نفسه، لاعتقادهم بأن حملته على مصر أضرت بعلاقتهم معها، أو دينية كالتي وقعت بين الجماعات الرهبانية العسكرية من داوية واسبتارية، أو عرقية بين أجناس السكان المختلفة لأن سكان الإمارات الصليبية كانوا خليطا متنافرا من الأمم والأخلاق والأهداف والميول.

كما حاول توطيد علاقاته مع نصارى الشرق (السريان المسيحيين) ٧ خصوصا الأرمن


١ د. جوزيف نسيم، العدوان الصليبي على بلاد الشام، ص:٢٩٠.
٢ مدينة بساحل الشام بينها وبين الرملة ٣٢ميلا، كانت شديدة المناعة، لها قلعة حصينة، وسور وباب حديد. (أبو الفداء، تقويم البلدان ص: ٢٣٩) .
٣ لم يبق منها اليوم سوى آثار قليلة، ومنها بعض المدافن بسفح جبل الكرمل، وحيفا، الموجودة حاليا شيدت في القرن ١٨، وتقع في شمال حيفا القديمة لكيلو مترين. (الكرمل: حيفا ص ٦٩_ ٧١) .
٤ تقع يافا على مسافة ٦ أميال شمال غرب مدينة الرملة، وهي ميناء ترسو فيه السفن الواردة إلى فلسطين والمنطلقة منها. (أبو الفداء: تقويم البلدان ص ٢٣٩) ، (القلقشندي: صبح الأعشى: ٤/١٠٠) . قال عنها البشاري المقدسي: "خزانة فلسطين، وفرضة الرملة، عليها حصن منيع بأبواب محددة، وباب البحر كله حديد" (أحسن التقاسيم ص١٧٤) .
٥ "مدينة بساحل البحر الرومي ذات حصن حصين " (القلقشندي، صبح الأعشى ٤/ ١١١) .
٦ جزيف نسيم، العدوان الصليبي على الشام، ص: ٢٩٩.
٧ كان الصليبيون يطلقون هذا الاسم على الجماعات الشامية النصرانية، من إغريق، ونساطرة، وأرمن، وموارنة، وغيرهم. (جوزيف نسيم، العدوان الصليبي على الشام ص ٣١٢) وانظر:
chanteur, hist. De syrie et du liban ٦٦-٦٧

<<  <   >  >>