للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لبعض الحاميات المغولية بالنزول في حصونهم، فوقعوا هم أنفسهم تحت سيطرة ورحمة تلك الجماعات١، وكذلك تآمر الصليبيين الدائم مع الحشيشيين٢ الذي كانوا خطرا دائما يهدد كل مجاهد مسلم من زعماء المسلمين.

لهذا قرر بيبرس كما قلده في ذلك خلفاؤه أمثال قلاوون والأشرف خليل، اجتثاث الخطر الصليبي نهائيا من بلاد الشام٣.

وكتمهيد لتحقيق هذا الهدف تحالف بيبرس مع الإمبراطور البيزنطي باليولوجس عدو الصليبين، حيث عقد معه معاهدة دفاعية عام ٦٦٠ هـ (١٢٦٢م) ٤ كما حالف مغول القفجاق المسلمين (القبيلة الذهبية) وهادن أعداء المسلمين مغول فارس الوثنيين٥.

بعد كل هذه الترتيبات توجه بيبرس نحو الشام عام ٦٦٣ هـ (١٢٦٥ م) قاصدا إعداد قواته وإعادة توزيعها، تمهيدا لتنفيذ غرضه، وعند ذلك أحس الصليبيون بالخطر الكائن في استعدادات بيبرس ونيته نحوهم، فأرسلوا إليه وفودهم تعرض عليه المسالمة، وتعبر عن حسن نيتها نحوه، ولكنه كان يردها قائلا: "ردوا ما أخذتموه من البلاد، وفكوا أسرى المسلمين جميعهم، فإني لا أقبل غير ذلك" ثم يطردهم من حضرته٦.

وكان من حماس بيبرس في جهاد الصليبين، أنه لم يخل عام من الأعوام العشرة ما بين ٦٥٩-٦٦٩ هـ (١٢٦١- ١٢٧١م) إلا وكان يشن فيه حربا، ويسترد أرضا من أرض إحدى الإمارات الباقية بأيديهم وهي: أنطاكية، وطرابلس، وبعض مملكة القدس.

فبادر عام ٦٦١ هـ (١٢٦٣م) بمهاجمة مدينة الناصرة، ثم هاجم بنفسه مدينة عكا الحصينة، ولكنه لم يتمكن أن فتحها بسبب ما أقامه فيها لويس التاسع من تحصينات٧.


١أحمد العباد، قيام دولة المماليك الأولى في مصر والشام، دار النهضة العربية، بيروت، ١٩٦٩م، ص: ٢٢٢
٢الحشاشون والحشيشية يقصد بهم الفداوية، لاشتهارهم بتناول المخدرات المعروفة بالحشيش، وقيل إنه ربما أطلق عليهم هذا الاسم لكثرة اغتيالهم المراء، من الحش بمعنى القطع، وبذلك تكون التسمية بعيدة عن موضوع الحشيش المخدر. Ensyclopidia of religion, art. Assassins وبروكلمان، تاريخ الشعوب الإسلامية
٣مفصل بن أبي الفضائل، النهج السديد، ص: ١٩٢. المقريزي، السلوك: ١/٥٨٤_ ٦٠٠.
٤بيبرس الدوادار، زبدة الفكر: ٩/٢٦٢/٩.
Lane, Poole, of Egypt in the middle ages (London ١٩٢٥) . P. ٢٦٦
٥المقريزي، السلوك: ١/ ٤٦٥.
٦المقريزي: السلوك: ١/٤٨٥_ ٤٨٦.
٧ابن كثير: ١٣/٢٤٤.

<<  <   >  >>