للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفي عام ٦٦٣ هـ (١٢٦٥م) حاصر مدينة قيسارية وفتحها رغم حصانتها١، ثم غادرها جنوبا إلى قلعة أرسوف البحرية٢ التي كَانت تحت سيطرة شرسان الاسبتارية المشهورين ببسالتهم، فقاموا بالدفاع المستميت عنها، ولم يمكنوا بيبرس من فتحها فلجأ إلى الحيلة بأن اتفق معهم على أن يستسلموا مقابل تأملات حياتهم، ولكنه قام بنقلهم إلى القاهرة بعد أن أمرهم بهدم قلعتهم٣.

وبعد ذلك قام بفتح يافا وعتليت، ثم استولى في العام التالي على صفد٤ وهونين وتبنبن٥، والرملة٦ مما جعل الإمارات الصليبية في حالة احتضار يائسة دفعتها إلى معاودة استعطاف السلطان بيبرس طالبة مصالحته، أو على الأقل عقد هدنة معه، وفي هذه المرة رأى أس من المناسب إجابة طلبهم، فصالحهم عَلى أساس المناصفة أو المشاركة وذلك بأن تصبح له حصة في غلاتهم ومنتجاتهم٧. ومن أطرف هذه الاتفاقيات بين بيبرس والإمارات الصليبية تلك الاتفاقية التي عقدتها معه ازابيلا، ملكة بيروت عام ٦٦٧ هـ (١٢٦٨م) ومدتها عشر سنوات، فقد ذكر القلقشندي٨ أن هذه الملكة قد وثقت ببيبرس إلى درجة أنها كانت عندما ترغب حب السفر إلى جهة ما، تذهب بنفسها إلى بيبرس وتستودعه بلادها٩، وعندما خطفها الملك هيو الثالث ملك جزيرة قبرص قام بيبرس بتخليصها عن طريق توجيه


١ المقريزي: السلوك، حوادث سنة: ٦٦١، ٦٦٢.
٢ ارسوف مدينة ساحلية على بحر الروم، بها قلعة وعليها سور، كانت في زمن آبي الفداء خرابا (أبو الفداء: تقويم البلدان، ص: ٢٣٩) .
٣ المفريزي: السلوك: ١/٥٢٩ " ولا يعتبر هذا غدرا منه لأن هؤلاء الفرسان جبلوا على الخيانة والغدر وطالما غدروا بالمسلمين ". (ابن كثير: البداية: ١٣/٢٤٤) .
٤ ابن كثير: البداية: ١٣/٢٤٩، أمر بأن يكتب على أسوار قلعة صفد " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون". قيل إنها فتحت صلحا، ثم قتل بيبرس ألفين من أهلها وخرب قلعتها، ثم بناها ونقش عليها عبارة تدل على زهوه بالنصر جاء فيها:" عماد الدين الذي حول الكنائس إلى مساجد، ورنين النواقيس إلى أصوات المؤذنين، وقراءة الإنجيل إلى ترتيل القرآن". (علي إبراهيم حسن: ص١٨٠) .
٥ حصون تحيط بمدينة بانياس التي كان بها قلعة الصبيبة، ومن هذه المدن والحصون شقيف ارنون، وشقيف تيرون، والجليل وصفد والناصرة وصفورية. (أبو الفداء: تقويم البلدان: ٣٤٥) .
٦ الرملة مدينة بفلسطين بناها سليمان بن عبد الملك، بينها وبين القدس يوم واحد. (القلقشندي: صبح الأعشى: ٤/٩٩) . العيني، بدر الدين أبو محمد بن أحمد ٨٥٥هـ (١٤٥٢م) : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان، الجزء الخامس بحوادث سنة ٦٥٦_ ٦٧٣. مخطوطة بدار الكتب المصرية رقم: ١٥٨٤. المقريزي: السلوك: ١/٥٥٠، وذكر ص: ٥٤٤_ ٥٤٧ أن الاستيلاء على يافا كان سنة ٦٦٦هـ
٧ القلقشندي: صبح الأعشى: ٤/٤٤_ ٥١. أبو المحاسن: النجوم: ٧/١٥٠.
٨ القلقشندي: نفسه: ٤/٣٩.
٩ تاريخ ابن الفرات: ٧/٣٥.

<<  <   >  >>