للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تهديدات لهيو. لهذا اتخذت لنفسها حرسا من المماليك حتى ماتت عام ٦٧٢ هـ (١٢٧٤م) ، وقلدتها في هذه السياسة أختها وخليفتها حتى استولى المسلمون على بيروت١.

أما عن موقف السلطان الظاهر بيبرس تجاه العدو الآخر والحليف الدائم لكل من الصليبين والمغول، وأعني به مملكة أرمينيا الصغرى٢ فقد وجه إليها في عام ٦٦٥ هـ (١٢٦٦ ا) القائد قلاوون. بقصد تأديب ملكها على تحالفه مع التتار زمن هولاكو وأبقاخان، وتشجيعه لهما على مهاجمة الشام ومصر، والمساهمة في دعمهما بفرض حصار اقتصادي على دولة المماليك، حيث منع عنها مادتي الخشب والحديد٣. وقامت قوات قلاوون بهزيمة الأرمن قرب دراساك، ودمرت مدن سيس وأضنه وطرسوس والمصيصة، وألحقت بها دمارا هائلا في هجومها الذي استغرق عشرون يوما فقط، وقتل قلاوون أحد أبناء ملك أرمينيا وأسر الابن الثاني، في حين كان الملك نفسه- هيثوم الأول- في زيارة للمغول في بلاد فارس. ولم يوافق بيبرس على إطلاق أسيره إلا مقابل تنازل والده عن عدة مواقع استراتيجية ودفع جزية سنوية٤.

ومنذ ذلك الحين أصبحت أرمينية الصغرى ضعيفة لم تسبب للمسلمين أي مشكلة، إلا مرة واحدة في عهد السلطان محمد قلاوون حيث أخضعها نهائيا٥. وفي عام ٦٦٦ هـ قام بأخذ يافا عنة وأجلي أهلها إلى عكا ثم استولى على حصن الشقيف وأجلي أهله إلى صور، ثم هاجم صور فنهب وأرعب، ثم هاجم حصن الأكراد ثم سار عنوة إلى حمص ومنها إلى حماه ثم إلى فامية٦.


١يذكر رنسيمان runciman, a history of the crusades. (Cambridge ١٩٥٧) p. ٣٤٢_ ٣٤٣ أن بيروت سقطت بيد الأشرف خليل عام ١٢٩١م (٦٩٠هـ) ، بينما يذكر المقريزي أنها سقطت بيد الناصر قلاوون سنة ٦٨٨هـ (١٢٨٩م) (المقريزي: السلوك: ١/٦٤٦_ ٦٤٧) .
٢ سميت أرمنية الصغرى تمييزا عن أرمنية القديمة الممتدة جنوب القوقاز والبحر الأسود، أي ما بين بلاد فارس والعراق شرقا وبلاد الروم غربا، وتقع أرمينيا الصغرى في جنوب الأناضول وقيليقية من الرها شرقا إلى أضنه غربا وعاصمتها سيس. (أرشيبالد لويس: القوى البحرية والتجارية ص: ٣٣٤) وهي اليوم مقسمة إلى منطقتين، إحداهما مع روسيا باسم جمهورية أرمينيا الاشتراكية والأخرى تركية مكونة من عدة ولايات أهمها ولاية أرضروم. (سعيد عاشور: الحركة الصليبية: ٢/١١٤٨) .
٣ سعيد عاشور: قبرص والحروب الصليبية: ٢/١١٤٧، القاهرة، مكتبة النهضة، ١٩٥٧م.
٤ أبو المحاسن: النجوم: ٧/١٤. المقريزي: السلوك: ١/٥٥٢.
٥ المقريزي: السلوك: ٣/٥٥٢.
٦ ابن كثير ١٣/٢٥١.

<<  <   >  >>