للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[المبشرات من عوامل القوة النفسية التي سهلت الفتح]

وكانت هذه القوات الإسلامية تتحرك وهي على ثقة تامة بالنصر، فقد بشرهم الله سبحانه وتَعالى بالنصر في كثير من الآيات الكريمة، في مثل قوله تعالى:

{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} ١.

وبشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح اليمن، والشام، والمشرق، والمغرب، حين كانوا في أشد حالات الضيق في غزوة الأحزاب (يوم الخندق) عام٥ هـ٢.

وعندما وَفدَ تميم الداري إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه حبرى، وبيت عينون ومسجد إبراهيم علية السلام (حبرون) ، وكتب له بذلك كتاباً٣. وهذه من أرض الشام التي كانت تخضع لحكم الدولة البيزنطية، فهي بشارة بفتح الشام.

وقد حرم الله سبحانه وتعالى على الروم أن يملكوا بلاد الشام برمتها إلى أخر الدهر، كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا هلك كسرى، فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله عز وجل" ٤.

وهذه بشارة بفتح الشام في العراق وبلاد فارس.

ٍوعندما وفد عدي بن حاتم رضي الله عنه٥ بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح العملاق والمشرق قائلا (عن عدي بن حاتم) :

" ... إني أعلم الذي يمنعك من الإسلام، تقول: إنما اتبعه ضعفة الناس، ومن لا قوة لهم، وقد رمتهم العرب، أتعرف الحيرة؟ " قلت: "لم أرها، وقد سمعت بها".


١ سورة التوبة الآية:٣٣.
٢ انظر: ابن هشام_ السيرة ٣/٢١٩.
٣ البلاذري_ فتوح البلدان ١٣٥، وتنسب إليه أسرة التميمي التي لا تزال تقيم في مدينة الخليل، والقدس من أرض فلسطين إلى اليوم.
٤ ابن كثير_ البداية والنهاية ٧/٥٩ ويعلق قائلا: (وقد وقع ما أخبر به صلوات الله وسلامه عليه، وسيكون ما أخبر به جزمًا، لا يعود ملك القياصرة إلى الشام أبداً، لأن قيصر علم جنس عند العرب، يُطلق على كل من ملك الشام مع بلاد الروم، فهذا لا يعود لهم أبداً) .
٥ عدي بن حاتم أمير صحابي من الأجواد العقلاء، أبوه حاتم المشهور بالكرم في الجاهلية. كان رئيس طيء في الجاهلية والإسلام. وفد على النبي صلى الله عليه وسلم بغير أمان ولا كتاب. فأكرمه الرسول صلى الله عليه وسلم سنة ٩هـ أسلم وكان نصرانيا. وثبت على الإسلام في الردة ولعب دوراً جيداً حتى قال فيه ابن الأثير (خير مولود في أرض طيء، وأعظمه بركة عليهم) فقد أحضر صدقة قومه إلى أبي بكر. وشهد فتح العراق ومات بالكوفة. انظر: ابن حجر_ الإصابة ٢/٤٦٨، الزركلي_ الأعلام ٤/٢٢٠ الذهبي_ سير أعلام النبلاء ٣/١٦٢.

<<  <   >  >>