للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[ومن عوامل إقبال أهل البلاد المفتوحة على اعتناق الدعوة]

وتأتي على رأس هذه العوامل:

تمسك الفاتحين بعقيدتهم، وتطبيق أحكام الإسلام على أنفسهم، والتزِامهم بها، وحسن عرضهم لدعوتهم. فقد عرضوا الإسلام على أهل البلاد، سلوكا، وعملاً، وقولاً، فاعتنقه كثير من النصارى واليهود والمجوس وفي أعداد كثيرة، وحماسة كبيرة١. وأقبلت عليه جميع العناصر التي أظلتها راية دولة الإسلام في الشام، والعراق، وفارس، ومصر، وبرقة، وتركستان، والمغرب. وفيهم العربي، والفارسي، والقبطي، والبربري، والتركي وغيرهم٢. وامتزجت هذه العناصر وكونت أمة واحدة هي أمة الإِسلام، وبلاداً هي دار الإسلام، ومملكة هي مملكة الإسلام، جمعتهم عقيدة تعالى على المصالح المادية الزائلة، والوطنية، والإقليمية، والقومية٣. فكان جند الإسلام دعاة يخرجون الناس من الظلمات إلى النور.

فلما فتح عمرو بن العاص الإسكندرية، خيّر الأسرى بأمر من الخليفة، فمن دخل الإسلام كان للمسلمين أخاً، وكانوا يكبّرون كلّما أسلم أسير مثل تكبيرة الفتح وأشدّ٤.


١ ابن أعثم _ الفتوح ١/٢٢٥.
٢ انظر: أثر أهل الكتاب _ لكاتب هذا البحث ٤٣٣_٤٤٧.
٣ وقد تجنى المستشرقون على التاريخ الإسلامي (كعادتهم) في هذه النقطة، فذكروا: إن العامل الاجتماعي والقومي كان من أسباب الفتح الإسلامي، مع أن الامتزاج كان نتيجة الفتح لا سبباً له. ولا عجب في ذلك، فقد عاش المستشرقون في ظل الدعاوى القومية والوطنية والتمييز العنصري على أساس الجنس واللون. انظر: في ذلك: "دومنيك سورديل"_ الإسلام في القرون الوسطى ٦، "جب"_ دراسات في حضارة الإسلام ٧_٨، ٥٠، "فان فلوتن"_ السيادة العربية ١٢، ١٣، ١٨، ٢٠، "بروكلمان" ١٠٧، "برناد لويس"ـ العرب في التاريخ ٤٩، ٥٥، "فيليب حتي"_ تاريخ العرب ١٧٥، ١٧٧.
٤ الطبري _ تاريخ ٤/١٠٦.

<<  <   >  >>