للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن مواضعه، ولبسوا الحق بالباطل.

وعرفوا الواحد بأنه: ما لا صفة له ولا قدر ولا يعلم منه شيء دون شيء ولا يرى ولا يشار إليه (١).

وهذا القول هو محصل تعريفات الفلاسفة للتوحيد والواحد وإن اختلفت عباراتهم في ذلك، فأرسطو، وهو المعلم الأول للفلاسفة يرى أن الإله والذي يعبر عنه بـ (المحرك الأول) واحد من جميع الوجوه، ووحدته تعني بساطة ماهيته في التصور الذهني، بمعنى أنه غير مركب أصلاً؛ وذلك لأنه ليس بجسم (٢).

والفارابي يرى أن الواحد: ما لا ينقسم بالعدد، ولا ينقسم بالأجزاء (٣)، وابن سينا (٤) يعبر عن الواحد بأنه: ما لا ينقسم في المعنى ولا في الكم، وهو الذي لا فصل له ولا ند ولا عرض له، ولا يشار إليه، ولا يكون خارج العالم ولا داخله ولا أين له ولا متى (٥).

ومن تعبيرات المتكلمين في تعريف الواحد: هو ما ليس بمنقسم ولا مركب وما لا حد له ولا غاية (٦). ومنها أيضاً: ما ليس بجسم ولا جوهر ولا متحيز ولا في جهة ولا يشار إليه


(١) انظر: درء تعارض العقل والنقل (١/ ٢٢٤)، بيان تلبيس الجهمية (٣/ ٤٥).
(٢) انظر: الملل والنحل (٢/ ٤٤٥ - ٤٤٦).
(٣) فصوص الحكم (ص: ١٣٢).
(٤) هو أبو علي، الحسين بن عبد الله بن سينا، الفيلسوف المشهور، كان يقول بضلالات وكفريات كقدم العالم، ونفي المعاد الجسماني، وأن الله لا يعلم الجزئيات، وقررها في مؤلفاته، وكان ابن سينا - كما أخبر عن نفسه - هو وأبوه، من أهل دعوة الحاكم، من القرامطة الباطنيين العبيديين، من مصنفاته "القانون في الطب" و"المعاد" (ت: ٤٢٨ هـ). انظر: وفيات الأعيان (١/ ٤١٩)، لسان الميزان (٢/ ٢٩١).
(٥) انظر: الإشارات والتنبيهات (٣/ ٤٤)، رسالة أضحوية في أمر المعاد (ص: ٤٤) آراء الفلاسفة (ص: ٣٧٩).
(٦) انظر: بيان تلبيس الجهمية (٣/ ٤٥).

<<  <   >  >>