للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: دراسة أهم المسائل العقدية في المناظرة]

[مناقشة الشبهة الواردة في المناظرة]

وذلك من وجهين:

[الوجه الأول: بيان أصل الشبهة]

إن ما قرره المخالف من تعظيم قول الفلاسفة في التوحيد، وجعلهم أعظم الناس توحيداً، إنما هو نتيجة محتمة للشبهة المتقررة في ذهن معطلة الصفات ونفاتها ممن خاض غمار الكلام والفلسفة، وغاص في لججها، ونهل من مشربها، من أن توحيد الله إنما يكون بنفي صفاته واسمائه وخصائصه الواجبة له سبحانه في ذاته وعظيم صفاته وتعطيله عن نعوته وكماله، وكلما زاد المرء في درجات التعطيل كلما ارتقى عندهم في سلم التوحيد، حتى صار عندهم أكثر الناس جحداً وتعطيلاً، هو أعظم الناس فقهاً وتوحيداً، ولما كانت الفلاسفة من أكثر الطوائف تعطيلاً لذات الله، ووصفاً له بالسلبيات، ونفياً لما يستحقه من النعوت والصفات، فقد تقرر عند هذا الرجل أنهم أعظم الناس وأفضلهم توحيداً.

وإنما أُتي هذا الرجل وأضرابه من تسميتهم للأشياء بغير مسمياتها الشرعية، وجعلهم المسميات الشرعية علماً على معتقداتهم الباطلة وآرائهم المنحرفة، وإدخالهم في مسمى التوحيد ما ليس منه حيث جعلوا نفي الصفات داخلاً في التوحيد، وإثبات الصفات منافياً للتوحيد ومناقضاً له، وجعلوا إثباتها تشبيهاً وتجسيماً، بل جعلوه شركاً وتنديداً، فألحدوا في أسماء الله وآياته وحرفوا الكَلِم

<<  <   >  >>