للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقصر الإمارة، أمام الأمراء والعلماء والناس والأجناد، أظهر الله فيها الحق وأزهق فيها الباطل.

ولعظم هذه الموقعة، وجلالة قدرها، وكبير أثرها، فقد أفردها رحمه الله في رسالة ذكر فيها مجريات هذه المناظرة وما وقع فيها، وقبل ذكره لهذه المناظرة مهد بذكر بعض المجريات التي سبقت هذا المشهد العظيم وكانت سببا لوقوعه، ومن ضمنها ثلاث مناظرات جرت له مع بعض هؤلاء الرفاعية سبقت المناظرة الكبرى أمام السلطان وكانت كالتمهيد لها، ومن الملاحظ في جميع هذه المناظرات: تشابه موضوعاتها، وترابط أحداثها، وتكرر مسائلها. وهاك نص المناظرة الأولى كما حكاها الشيخ -رحمه الله-.

[نص المناظرة]

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله رب السموات والأرضين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله خاتم النبيين صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تسليماً دائما إلى يوم الدين.

أما بعد:

فقد كتبتُ ما حضرني ذكره في المشهد الكبير بقصر الإمارة والميدان بحضرة الخلق من الأمراء والكتاب والعلماء والفقراء العامة وغيرهم في أمر البطائحيَّة (١)، يوم السبت تاسع جمادى الأولى سنة خمس (٢)؛ لتشوُّف الهمم إلى معرفة ذلك، وحرص الناس على الاطلاع عليه، فإن من كان غائبًا عن ذلك قد يسمع بعض


(١) البطائحية: هم الرفاعية، لقبوا بالبطائحية نسبة إلى قرى عديدة بين البصرة وواسط، وقد كان أحمد الرفاعي يسكن أحد هذه القرى، وهم تارة يلقبون بالرفاعية وبالأحمدية أيضاً نسبة إلى أحمد الرفاعي -رحمه الله-، وقد اقتصر مؤخرًا على تعريفهم بالرفاعية، تمييزا لهم عن جماعة الطريقة الأحمدية المنتسبة إلى أحمد البدوي. انظر: البداية والنهاية لابن كثير (١٦/ ٥٥٩).
(٢) يعني سنة خمس وسبعمائة من الهجرة.

<<  <   >  >>