للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• نص المناظرة:

قال شيخ الإسلام في معرض كلامه عن دلالة الفطرة على علو الله سبحانه وتعالى: «ولهذا كان جميع العقلاء السالمي الفطرة يحكمون بموجب هذه القضية الضرورية قبل أن يعلموا أن في الوجود من ينكرها ويخالفها، وأكثر الفطر السليمة إذا ذكر لهم قول النفاة بادروا إلى تجهيلهم وتكفيرهم، ومنهم من لا يصدق أن عاقلاً يقول ذلك، لظهور هذه القضية عندهم، واستقرارها في أنفسهم، فينسبون من خالفها إلى الجنون، حتى يروا ذلك في كتبهم أو يسمعوه من أحدهم.

ولهذا تجد المنكر لهذه القضية يقر بها عند الضرورة، ولا يلتفت إلى ما اعتقده من المعارض لها؛ فالنفاة لعلو الله إذا حزبَ أحدهم شدة وَجَّهَ قلبه إلى العلو يدعو الله.

ولقد كان عندي من هؤلاء النافين لهذا من هو من مشايخهم، وهو يطلب مني حاجة، وأنا أخاطبه في هذا المذهب كأني غير منكر له، وأخرت قضاء حاجته حتى ضاق صدره، فرفع طرفه ورأسه إلى السماء وقال: يا الله.

فقلت له: أنت محقق! لمن ترفع طرفك ورأسك؟! وهل فوق عندك أحد؟!

فقال: استغفر الله. ورجع عن ذلك لما تبين له أن اعتقاده يخالف فطرته، ثم بينت له فساد هذا القول، فتاب من ذلك ورجع إلى قول المسلمين المستقر في فطرهم» (١).

[المطلب الثاني: دراسة أهم المسائل العقدية في المناظرة]

• تمهيد:

استطاع شيخ الإسلام -رحمه الله- أن يستدرج خصمه ويرجعه إلى أصل فطرته التي تناقض اعتقاده ومذهبه، ويثبت له من نفسه صحة دلالة الفطرة على علو ربه سبحانه وتعالى،


(١) درء التعارض (٦/ ٣٤٣).

<<  <   >  >>