للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به عباده إلى سواء السبيل، فهذه طريقة الرسل -صلى الله عليهم أجمعين-.

وأما من زاغ وحاد عن سبيلهم من الكفار والمشركين والذين أوتوا الكتاب، ومن دخل في هؤلاء من الصابئة والمتفلسفة والجهمية، والقرامطة الباطنية (١)، ونحوهم فإنهم على ضد ذلك، يصفونه بالصفات السلبية على وجه التفصيل، ولا يثبتون إلا وجوداً مطلقاً لا حقيقة له عند التحصيل، وإنما يرجع إلى وجود في الأذهان يمتنع تحققه في الأعيان، فقولهم يستلزم غاية التعطيل وغاية التمثيل، فإنهم يمثلونه بالممتنعات والمعدومات والجمادات، ويعطلون الأسماء والصفات تعطيلاً يستلزم نفي الذات» (٢).

ثالثاً: بيان فساد شبهة التركيب:

فصل شيخ الإسلام جواب هذه الشبهة من عدة أوجه، وفي عدة مواضع من كتبه واكتفي هنا بأبرز ما ينقض هذه الشبهة ويظهر فسادها، وتناقض القائلين بها:

أولاً: بين شيخ الإسلام أن المركب في اللغة والمعقول من كلام بني آدم إنما يطلق على: ما ركبه غيره، وعلى ما كانت أجزاؤه متفرقة فاجتمعت، وعلى ما يقبل مفارقة بعضه بعضاً، فهذا هو التركيب بمعناه اللغوي، وما يفهم من كلام الناس، وهذه الأنواع الثلاثة منتفية عن رب العالمين باتفاق المسلمين.

وأما المعنى الذي يذكره أهل الفلسفة والمنطق فهو مخالف للغة وما يعقله بنو آدم من معنى التركيب بالفطرة الأولى (٣).

ثانياً: أن التركيب بالمعنى الذي يذكره الفلاسفة والمتكلمون إنما هو أمر


(١) القرامطة هم: أتباع حمدان الأشعث المعروف بقرمط، كان في الكوفة فلقيه أحد دعاة الباطنية ودعاه إلى معتقدهم، فقبل الدعوة، ثم صار يدعو الناس إليها، ولذا تعد القرامطة إحدى فرق الباطنية. انظر: فضائح الباطنية للغزالي (ص: ١٢ - ١٤)، التنبيه والرد للملطي (ص: ٣١)، الفرق بين الفرق (ص: ٢٨٢).
(٢) التدمرية (ص: ٨ - ١٦)، وانظر: اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٣٩٥).
(٣) انظر: مجموع الفتاوى (٦/ ٣٤٦)، الرد على المنطقيين (ص: ٣١٤ - ٣١٥).

<<  <   >  >>