للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتعريفه كما جاء ذلك عن ابن كلاب وغيره (١).

٤) أن الشرع إنما جاء في توحيد الله واسمائه وصفاته، بالنفي المجمل والإثبات المفصل، وطريقتهم هذه عكس طريقة الشرع الكريم فهي عبارة عن نفي مفصل وإثبات مجمل أو لا يكاد يكون هناك إثبات أصلا. قال شيخ الإسلام: «والله سبحانه وتعالى بعث رسله بإثبات مفصَّل، ونفي مجمل، فأثبتوا له الصفات على وجه التفصيل، ونفوا عنه ما لا يصلح له من التشبيه والتمثيل، كما قال تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم:٦٥]، قال أهل اللغة: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥)} [مريم:٦٥]: أي نظيرًا يستحق مِثْل اسمه، ويقال مُسامِيًا يُسامِيه (٢). وهذا معنى ما يروى عن ابن عباس: (هل تعلم له مِثْلاً أو شبيهًا) (٣) … وأما الإثبات المفصَّل، فإنه ذكر من أسمائه وصفاته ما أنزله في محكم آياته، كقوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة:٢٥٥]، الآية بكمالها، وقوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣)} [الإخلاص:١ - ٣]، وقوله: {وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [التحريم:٢]، {وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم:٥٤]، {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:١١]، {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [إبراهيم:٤]، {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس:١٠٧]، {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج:١٤ - ١٦]، {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد:٤] … إلى أمثال هذه الآيات والأحاديث الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في أسماء الرب تعالى وصفاته، فإن في ذلك من إثبات ذاته وصفاته على وجه التفصيل، وإثبات وحدانيته بنفي التمثيل ما هدى الله


(١) انظر: المصدر السابق (٣/ ١١١ - ١١٣).
(٢) انظر: الصحاح (٦/ ٢٣٨٣) ولسان العرب (١٤/ ٤٠٣) والتاج (٣٨/ ٣٠٨).
(٣) رواه الطبري في تفسيره (١٨/ ٢٢٦) والبيهقي في الاعتقاد (ص: ٤٥) والأسماء والصفات برقم (٦١٠).

<<  <   >  >>