للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الشبهة هي أحد الشبه التي يحتج بها أهل الفلسفة والكلام على تعطيل الصفات وتحريفها عن معانيها.

وكلام ابن المرحل هنا وإن كان في صفة الحب والبغض والإرادة ونحوها عموماً دون النظر للمتصف بها، إلا أن أول ما يدخل فيها هو ما جاء من وصف الباري سبحانه بهذه الصفات، بل إن الداعي لهم لجعل هذه الصفات من باب النسب والإضافات إنما هو نصرة مذهبهم في نفي صفات الباري عز وجل بحجة تنزيهه سبحانه عن مشابهة مخلوقاته.

فما يرد على الذهن من معان عند إطلاق أسماء الله وصفاته فإنما هي معان موجودة في العقل، وأما في الخارج فلا وجود لتلك المعاني (الصفات) في ذات الله إطلاقاً، فإنما هي نسب وإضافات يمتنع وجودها في الخارج على سبيل المعاني الثبوتية القائمة بالذات.

[الوجه الثاني: الجواب عن هذه الشبهة]

وقد أجاب شيخ الإسلام عن هذه الشبهة بما يلي:

أولاً: أن معاني الأشياء على قسمين (١):

القسم الأول: معانٍ مفردة: وهي التي تُعرف حدودها دون ما نظرٍ أو حاجة لمتعلقاتها.

القسم الثاني: معانٍ مضافة: وهي التي لا يمكن تصورها إلا بتصور متعلقاتها؛ فتكون المتعلقات جزءاً من حقيقتها، فتعين ذكرها في الحدود.

وهذا النوع من المعاني والصفات المتعلقة على نوعين:

١. صفات (نسبية) إضافتها إضافة محضة؛ مثل الأبوة والبنوة والفوقية والتحتية ونحوها، فهي مجرد نسبة وإضافة، والنسب أمور عدمية، وهذه تعلقها تعلق عدمي.


(١) انظر: مجموع الفتاوى (١١/ ١٤٦ - ١٤٧)، العقود الدرية (ص:١٢٣ - ١٢٤).

<<  <   >  >>