للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال رحمه الله: «كما جرى مثل هذا لي كنت في مصر في قلعتها وجرى مثل هذا إلى كثير من الترك من ناحية المشرق وقال له ذلك الشخص: أنا ابن تيمية. فلم يشك ذلك الأمير أني أنا هو، وأخبر بذلك ملك ماردين (١)، وأرسل بذلك ملك ماردين إلى مصر رسولاً وكنت في الحبس فاستعظموا ذلك وأنا لم أخرج من الحبس، ولكن كان هذا جنياً يحبنا فيصنع بالترك التتر مثل ما كنت أصنع بهم لما جاؤوا إلى دمشق كنت أدعوهم إلى الإسلام فإذا نطق أحدهم بالشهادتين أطعمتهم ما تيسر فعمل معهم مثل ما كنت أعمل وأراد بذلك إكرامي ليظن ذاك أني أنا الذي فعلت ذلك. قال لي طائفة من الناس: فلم لا يجوز أن يكون مَلَكاً؟ قلت: لا؛ إن الملك لا يكذب، وهذا قد قال: أنا ابن تيمية، وهو يعلم أنه كاذب في ذلك» (٢).

[المطلب الثاني: دراسة أهم المسائل العقدية الواردة في هذه المناظرة]

[مناقشة الشبهة الواردة في المناظرة وذلك من وجهين]

[الوجه الأول: بيان أصل الشبهة]

كما ترى في هذه النصوص المذكورة، فإن هؤلاء القوم اغتروا بما حصل لهم من مشاهدة من استغاثوا بهم عياناً أمامهم، وربما رأوهم يطيرون في السماء أمام أعينهم، ويجيبون دعوتهم.

وقد بين شيخ الإسلام -رحمه الله- أن أصل شبهة هؤلاء وسبب اشتباه الأمر عليهم عدة أمور بني بعضها على بعض، وهي كالآتي:

أولاً: ظنهم أن هذه الخوارق التي جرت أمام أعينهم، وحدثت تحت مرآهم،


(١) مارِدِين: قلعة مشهورة على قلة جبل بالجزيرة، ليس على وجه الأرض قلعة أحسن منها ولا أحكم ولا أعظم، ودورهم فيها كالدرج كل دار فوق الأخرى وكل درب منها يشرف على ما تحته من الدور ليس دون سطوحهم مانع. انظر: معجم البلدان (٥/ ٣٩). وهي اليوم من مدن الجمهورية التركية جنوب شرق الأناضول.
(٢) دقائق التفسير (٢/ ١٤٢).

<<  <   >  >>