للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخرى، وكان كثيرا من الناس يظنون أنه كاذب فيما يخبر به من الرؤية، ولم يكن كاذبا في أنه رأى تلك الصورة، لكن كان كافرا في اعتقاده أن ذلك رسول الله، ومثل هذا كثير.

ولهذا تحصل لهم تنزلات شيطانية بحسب ما فعلوه من مراد الشيطان، فكلما بعدوا عن الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وطريق المؤمنين قربوا من الشيطان، فيطيرون في الهواء والشيطان طار بهم، ومنهم من يصرع الحاضرين، وشياطينه صرعتهم، ومنهم من يحضر طعاماً وإداماً ويملأ الإبريق ماء من الهواء، والشياطين فعلت ذلك، فيحسب الجاهلون أن هذه كرامات أولياء الله المتقين، وإنما هي من جنس أحوال السحرة والكهنة وأمثالهم» (١).

وقال رحمه الله: «فكثير من المنتسبين إلى الإسلام يستغيث بشيخه، ويرى من جاء راكبًا، أو طائرًا في الهواء، أو غير ذلك؛ فيظنه شيخه. وقد يأتي في صورته إن كان يعرف صورة شيخه فيظن هذا شيخه. وهذا قد وقع لخلق كثير، ووقع لغير واحدٍ من أصحابنا معي، لكن لما حكوا لي أنهم رأوني بينت لهم أني لم أكن إياه، وإنما كان شيطانًا تصور في صورتي ليضلهم، فسألوني: لم لا يكون ملكًا؟ قلت: لأن الملائكة لا تجيب المشركين، وأنت استغثت بي فأشركت» (٢).

وقال رحمه الله: «وقد جرى مثل هذا لي ولغيري ممن أعرفه ذكر غير واحد أنه استغاث بي من بلاد بعيدة وأنه رآني قد جئته ومنهم من قال: رأيتك راكبا بلباسك وصورتك ومنهم من قال: رأيتك على جبل ومنهم من قال: غير ذلك فأخبرتهم أني لم أغثهم وإنما ذلك شيطان تصور بصورتي ليضلهم لما أشركوا بالله ودعوا غير الله» (٣).


(١) الفتاوى الكبرى (٣/ ٤٨٤ - ٤٨٦)، ومجموع الفتاوى (٣٥/ ١١٥ - ١١٧)، وجامع الرسائل (١/ ١٩٥ - ١٩٦).
(٢) قاعدة عظيمة في الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق (ص:١٥٤)، وانظر: مجموع الفتاوى (١٩/ ٤٧).
(٣) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (٢/ ٣٢١ - ٣٢٢).

<<  <   >  >>