للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٣) الالتزام بالأدلة الشرعية من نصوص الكتاب والسنة وآثار سلف الأمة]

لقد سار شيخ الإسلام طيلة حياته على منهج ثابت متزن دعا إليه الناس، ونافح من أجله وقرره في مختلف رسائله وكتبه، وهو اتباع ما جاء في الكتاب والسنة على فهم سلف هذه الأمة، وبهذا الميزان تعامل مع كل خصومه، وعليه بنى منهجه وطريقته في كتابته ومناظراته وشتى سبل دعوته، قال رحمه الله: «فدين المسلمين مبني على اتباع كتاب الله وسنة رسوله وما اتفقت عليه الأمة، فهذه الثلاثة هي أصول معصومة، وما تنازعت فيه الأمة ردوه إلى الله والرسول، وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصا يدعو إلى طريقته ويوالي عليها ويعادي، غير النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا ينصب لهم كلامًا يوالي عليه ويعادي غير كلام الله تعالى وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- وما اجتمعت عليه الأمة، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصاً أو كلاماً يفرقون بين الأمة، يوالون على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون» (١).

ولما نازعه خصومه في مناظرة الواسطية، وأوهموا الناس أن له اعتقادًا خاصاً به يسير عليه ويدعو الناس إليه، أجابهم شيخ الإسلام بكل حزم وصرامة: «أما الاعتقاد: فلا يؤخذ عني ولا عمن هو أكبر مني؛ بل يؤخذ عن الله ورسوله وما أجمع عليه سلف الأمة، فما كان في القرآن وجب اعتقاده وكذلك ما ثبت في الأحاديث الصحيحة مثل صحيح البخاري ومسلم» (٢). وقال لهم: «وكل لفظ ذكرته فأنا أذكر به: آية أو حديثًا أو إجماعًا سلفياً» (٣).

وبين رحمه الله في كثير من مناظراته ورسائله وكتابته أن المرجع عند التنازع والاختلاف إنما هو كتاب الله وسنة نبيه، قال رحمه الله: «فإذا تنازع المسلمون في مسألة وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله و الرسول، فأي القولين دل عليه الكتاب


(١) درء تعارض العقل والنقل (١/ ٢٧٢).
(٢) المناظرة الواسطية ضمن مجموع الفتاوى (٣/ ١٦١).
(٣) المصدر السابق (٣/ ١٨٩).

<<  <   >  >>